تعاملت فرنسا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بالطريقة المهينة التي يستحقها ،وطلبت منه ألا يزورها، فشارون المزهو بتفوقه العسكري على المحيط الإقليمي يدفعه غروره إلى إمكانية التباهي بقدراته كسفاح يجلس على ترسانة متطورة من السلاح حتى خارج ذلك النطاق الإقليمي، ومن ثمّ فقد راح يرسل التصريحات عن يهود فرنسا محرضا إياهم على مغادرتها والهجرة لإسرائيل تحت دعاوى تتركز أساسا على كراهية السامية..ولأن الظاهرة اليهودية في تجلياتها المعاصرة تعكس حراكاً بشرياً مستمراً يتم الرهان عليه لتكريس أمر واقع من خلال محاولة اجتذاب الهجرات إلى إسرائيل مع وعود شتى ترتكز أساسا على منح شذاذ الآفاق من المهاجرين أراضي مغتصبة من الفلسطينيين فإن شارون حاول العزف على مسألة الوعود هذه مدعومة بتلك الدعاوى التي ملّ منها العالم حول السامية وكراهيتها..
وقد ذهب شارون بعيدا في تجنِّيه على فرنسا من خلال ذلك التحريض الذي يعكس سلوكا غير ناضج في التعامل بين الدول، وهو على كل حال شأن إسرائيل التي لا يمكن تبين مسلك معقول في كل ما تفعل، فهي لا تستطيع إلا أن تعكس نهج العصابات وقطاع الطرق الذي هو من صميم طبيعتها، وهي لا تفتأ تقدم يوميًا نموذجًا صادقًا لهذا النهج من خلال الاعتداءات والمذابح المستمرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
وليس هناك من يطلب من إسرائيل ما هو فوق طاقتها، فهي في كل تصرفاتها إنما تصدر عن روح عدوانية بكل ما يستتبع ذلك من اختيار لكلمات من ذات هذا القاموس الذي يناقض قواعد السلوك الدولي السليم، ففي ذات اليوم الذي تلقى فيه شارون لطمة من الرئيس الفرنسي شيراك بأنه شخص غير مرغوب فيه في فرنسا، فقد تلقى مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة توبيخا من رئيس الجمعية العامة لأنه ينحدر إلى درك متدنٍّ في مخاطبة المندوب الفلسطيني، وذلك أثناء الاستعداد للتصويت على قرار المحكمة الدولية بشأن الجدار الإسرائيلي..
والمشكلة دائما أنه يتم تناسي هذه المواقف الشاذة من شارون أو من أركان حكمه، غير ان ذات هذه المواقف هي تعبيرعن سياسة يومية إسرائيلية يتم تطبيقها ضد الشعب الفلسطيني، وبدرجات أكثر بشاعة، ولعل ذلك ينبه كبار العالم بما فيهم فرنسا وغيرها إلى ضرورة مراجعة وضع هذا الكيان الشاذ على الخريطة الدولية، وأنه بات لزاما تخليص الشعب الفلسطيني من هكذا نظام لا يحترم حقوق ومشاعر الآخرين.
|