الشباب يصبح ربيعاً مزهراً عندما يحتضنه المال والجاه.
والحياة الغنية تصبح ترفاً لأفرادها المنعمين، ولكن فهد أبى هذا وإن كان بين يدي والده.
عاش فهد مكافحاً في سلم حياته، أسرته الصغيرة، وأرضه البكر أهم ما يملك بل كل ما يملك.
أمضى جلَّ شبابه يتعهدهما ساعات هنا، وأخرى هناك، ينظر في عيني ابنته وهي تكبر ثم ينظر في تربة نخيلاته لعلها تثمر.
يديه أدمتهما أحجار أرضه وهو يعزقها لتكون جوفاً دافئاً لنخيلاته.
وقدماه عافت أحذية الجلد، وجوارب الحرير، فألمها لا يقوى على هذا التجمل، كبرت ابنة فهد، وابنه أيضاً، وها هي نخيلاته تكبر وتئن بحمل السكري، والبرحي، وتتعصب بالشقراء، وأم الحمام، وكل ما طاب من رطب عنيزة المعطاء.
بقي المال في يديه حقاً لهؤلاء الأبناء مناصفة لهذه النخيلات وهذه الأرض. لم يستهوه المال لسفرات الشباب ونزواته، ولم يجمعه لسيارة تليق بأرقام مميزة، ولم ينفقه لأثاث تتلذذ أسرته بالنظر إليه.
ما له الصعب اختار له طريقاً صعباً على النفس ولوجه رأى بالصدقة ربحاً، وبالسلفة فرجاً، وبالمعونة سنداً.
دخل هذا الباب بنفس راضية، وبصمت واندفاع.
مات فهد شاباً ترك ابنته وإخوتها، وترك نخيلاته وأرضه، ولكنه لم يترك ماله. أطفأ به غضب ربه عند ما احتاج إلى رضاه ووسع به قبره بدعوات من تصدق عليهم، وستبقى، شامخاً يا فهد وإن ضمك اللحد.
كثر المشيعون، وأكثر منهم المعزون، وفاقهم الداعون.
اللهم استجب اللهم آمين.
|