دخلت إسرائيل على خط الأزمة الفلسطينية المتفاعلة ، وجيَّرت كامل ما يحدث لصالح مشروعها القائم منذ سنوات ضد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، وأدلت بدلوها في الموضوع مطالبة بإقالته.
ومنذ البدء حرص الكثيرون على التحذير من الدور الإسرائيلي ، وتوضيح أن ما يحدث يصب أولا وقبل كل شيئ في صالح إسرائيل ، فإسرائيل أسهمت بقدر كبير في الأزمة الحالية من خلال عملها المستمر لتقزيم السلطة الفلسطينية ، والحؤول دون بسط سيطرتها على كامل أراضى السلطة ، وذلك من خلال إجراءات أمنية تمثلت بصفة خاصة في محاصرة عرفات حيث هو داخل مقره في رام الله ، إلى جانب إقامة الحواجز التي لا تستثني من إجراءات المنع حتى أفراد الشرطة الفلسطينية ، هذا فضلاً عن الوجبات اليومية من الاعتداءات على أراضى الضفة والقطاع ، الأمر الذي لا يترك سوى خيار واحد أمام الفلسطينيين يتمثل في ضرورة حماية أنفسهم والرد على هذا الاستهداف المتواصل.
الآن إسرائيل تدخل لمناصرة طرف على آخر ، وتدس انفها في شأن لا يعنيها ، وهي ستكون حريصة على صب المزيد من الزيت على النار المشتعلة أصلا.
ولأن مسلحين على الساحة الفلسطينية بادروا باللجوء إلى أسلحتهم في إطار رفع المطالب ، أي انهم فضلوا إدارة الأزمة بالبندقية ، فان إسرائيل ستجد ضالتها في هذا الأسلوب وسيكون من اليسير عليها ارتكاب فظائع جديدة من قتل وتدمير وغيره ، على أن يبدو الأمر وكأنه من صنع الفصائل الفلسطينية المتنافسة ، طالما أن السلاح يتم رفعه في وجه المتنافسين بعضهم تجاه بعض.
إن أبجديات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تلتزم في كل حين وآخر مراقبة الدور الإسرائيلي عند نشوء أي صراع فلسطيني - فلسطيني ، فقد نجح الفلسطينيون سابقا في رصد المتعاونين الذين كانوا يمدون المخابرات الإسرائيلية بمعلومات دقيقة عن تحركات أقطاب وزعماء المقاومة من اجل تصفيتهم ، وعلى الفلسطينيين الآن مراقبة الاستعداد الإسرائيلي للانقضاض على كامل الصف الفلسطيني .
ولا يعني ذلك التقليل من حجم أو أهمية الخلافات الفلسطينية أو تجاوزها هكذا دون إيلائها ما تستحقه من اهتمام ، غير أن الصراع بين الأشقاء مهما كان ينبغي حصره في ذات الإطار الأخوي والحرص على عدم إكسابه مظهرا مسلحا بأي حال من الأحوال ، وتوفير السلاح لما ينبغي أن يكون له.
|