كنت في الأسبوع الماضي في أحد أسواق مدينة الرياض أنا وأطفالي، وفوجئت عند بوابة الخروج، بدخول الرجل الآسيوي الطويل، ومن ثم تجواله في السوق، ووقوف البعض بجانبه للتصوير والضحك والتندر، وعلمت لاحقاً بأنه إحدى الفقرات التي تقدمها إدارة السوق للترفيه عن رواد السوق.
المنظر بالطبع مؤلم، كان قلبي يعتصر وأنا أتأمل النظرات التائهة للرجل العملاق والجميع يتعلق به ويشير إليه.
لكن المعضلة الأصعب واجهتني.. كيف أفسر هذا الموضوع لأطفالي؟؟ هل هذا يعني أن جميع المختلفين عنا بالشكل والحجم, يصبحون مخلوقات غريبة في سيرك؟ أي رسالة يحملها هذا العرض؟
الأطفال سيبدأون يشيرون إلى أصحاب الأوزان الكبيرة أو الألوان السوداء أو جميع المختلفين على أنهم مخلوقات أدنى وأقل.
هل هذا جزء من ثقافة تؤطر المختلف والغريب بداخل إطار منفصل بحيث تجعله هناك قصياً بعيداً يكابد ويلات اختلافه كما يكابد المجروب قروحه؟
ماذا أفعل بأسئلة الأطفال التي انهمرت عليَّ كالمطر؟ هل أخبرهم مثلاً بأن هذا الرجل مفرط في الطول لأنه أخذ جرعة زائدة من الحليب في صغره؟
كان المنظر مزعجاً ويحمل نوعاً متطوراً من أنواع الشحاذة، كأولئك الذين نراهم بجانب الحرم المكي الشريف مبتوري الأطراف, مجدوعي الأنوف، مفقوئي الأعين، يتسولون..
على حين أن التوجهات العالمية اتجاه هذه الفئات هي معاونتهم ومساعدتهم، ودفعهم كي يصبحوا أفراداً منتجين وفاعلين في المجتمع، يجدون كفافهم وقوت يومهم وينخرطون في شرائح المجتمع. نصرُّ نحن على دفعهم في الأسواق العامة للتفرج على طفرة جينية أصبحت فجأة مصدراً للتسويق واجتلاب المتسوقين.
|