Tuesday 20th July,200411618العددالثلاثاء 3 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

دفق قلم دفق قلم
الاستقرار
د. عبدالرحمن صالح العشماوي

تمتلئ العيادات النفسية بالباحثين والباحثات عن الاستقرار، وتكثر البرامج الإذاعية والتلفازية التي تحاول أن تعالج مشكلة القلق والأرق وعدم الاستقرار عند الناس، ولا تكاد تخلو صحيفة أو مجلة من مناقشة لهذه المشكلة الكبيرة (مشكلة عدم الاستقرار).
وتكثر في برامج الفتاوى الأسئلة عن الطريق إلى الاستقرار، وتزدحم قاعات الدورات التدريبية التي تُعنى بتطوير الذات، واستثمار الطاقات البشرية، بآلاف الراغبين والراغبات في الاستقرار.
(الاستقرار النفسي) حُلُمٌ من أهم الأحلام التي يتوق إلى تحقيقها الإنسان المعاصر، بل إنَّ بعض البائسين اليائسين يرى أن تحقيق الاستقرار النفسي من المستحيلات في عصر الظلم والاستبداد، والطبقية الاقتصادية والاجتماعية القاتلة.
هنالك قضيّة إنسانية كبرى اسمها (عدم الاستقرار).
وهنالك وصفاتٌ للعلاج متعددة متباينة نقرأ عنها ونسمع، معظمها من نوع المسكِّنات التي لا تزيل داءً، ولا تنفع مريضاً، وإنِّما تخفِّف من إحساسه بالألم وقتاً محدوداً.
كنت أستمع إلى الإذاعة وأنا في سيارتي، وكان الحوار يدور بين أحد المتصلين من المستمعين وبين الطبيب النفسي الذي يستضيفه ذلك البرنامج على النحو التالي:
- يا دكتور أنا أعاني من القلق والأرق، فأنا لا أستطيع النوم أبداً إلا ببعض العقاقير المنوِّمة.
- لا تقلق يا أخي؛ فعلماء النفس يعرِّفون القلق بأنه...
- يا دكتور أنا لم أسأل عن تعريف القلق، أنا لست طالباً تشرح لي ذلك، أنا يا دكتور مريض بالقلق، يكاد يقتلني قلقي.
- لا عليك؛ فالأمر سهل، يمكنك أن تهدأ، وأنصحك بالاستماع إلى موسيقى هادئة قبل النوم، وعدم كَبْت مشاعرك بسبب الضغوط الدينية ممن حولك.
- يا دكتور أنت في وادٍ وأنا في وادٍ آخر، أنا لا أعاني من أيِّ مشكلة اجتماعية، ولا أتعرَّض لأي ضغوط دينية، بل أنا مقصِّر في الأمور الدينية كثيراً، ولقد استمعت إلى عشرات الأنواع من الموسيقى الهادئة فما أفادتني.
- هذا غير صحيح؛ فخبراء الفن وعلماء النفس يؤكدون تأثير الموسيقى في إزالة القلق.
قال المتصل: أنا أتحدث إليك يا دكتور عن واقع أعيشه، أنا أعاني من قلق نفسي لا تزيده الموسيقى التي تتحدَّث عنها إلا التهاباً وقوة، فماذا أصنع؟
وهنا تدخَّل المذيع الذي أدرك أن ضيف برنامجه يدور في فلك ضيِّق فقال: جرِّب يا أخي الاتصال ببعض العلماء المتخصصين في حَلِّ المشكلات النفسية والاجتماعية فلعلك تجد عندهم ما يُزيل القلق عنك.
هذا الحوار أصابني بالضيق الشديد؛ فالطبيب لم يلتفتْ أبداً إلى ما ورد في كلام المتصل من الاعتراف بالتقصير في الأمور الدينية، ولو التفت إلى ذلك لأدرك أنَّ العلاج الناجع هو في التخلُّص من هذا التقصير.
الصلاة الخاشعة، قراءة القرآن، الدعاء، التسبيح، الذِّكر، صلة الرحم، الوفاء، الصدق، الخلق الحسن، المودّة، الحُبُّ الصَّافي الصادق، عمل الخير، مساعدة المحتاجين، إجادة العمل دنيوياً كان أو أخروياً.. كلُّ هذه الأعمال توصِّل - بإذن الله - إلى الراحة والهدوء والاستقرار، فلماذا يتغافل عنها بعض الدكاترة الكرام؟
إشارة:


جاءنا الله بالهدى فسمونا
وهجرنا الأنصاب والأزلاما


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved