شيء من المنطق
الصيف ضيعت الشباب
أ.د مفرج بن سعد الحقباني

بمجرد ما تنتهي امتحانات نهاية العام الدراسي، تبدأ الأسرة السعودية معاناة جديدة في التعامل مع الشباب خلال الإجازة الصيفية التي تشتد معها حرارة الخوف من الفراغ وتداعياته السلبية على الأبناء والبنات. وإذا كانت هذه المشكلة أو المعاناة ملحوظة في مختلف المجتمعات الأخرى، فإنها في مجتمعنا السعودي المحافظ تكون أكثر بروزاً خاصة في ظل ندرة البدائل المتاحة التي تتفق وتطلعات هذا المجتمع ومبادئه الشرعية وتقاليده الاجتماعية. وفي هذا السياق أجد أن من حق فئة الشباب والشابات أن تستمتع بوقت الإجازة بعد الجهد الكبير الذي أمضوه خلال العام الدراسي ومن واجب الجهات المعنية البحث في المتاح من البدائل وجعلها ميسرة لهذه الفئة ضمن النطاق الشرعي والمجتمعي المقبول. كما يجب أيضاً أن نعي بأن ندرة هذه البدائل والتضييق على هذه الفئة النشطة سيكون له تداعيات سلبية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وربما أمنية خطيرة مما يفرض علينا سرعة البحث وتحديد المقبول وغير المقبول وفقاً للمنظور الشرعي وليس للاعتبارات الشخصية والآراء الفردية التي قد تعسر يسيراً وتمنع مباحاً وتحرم حلالاً. في جميع الأحوال لا نقبل الإخلال بالمبادئ الشرعية والمجتمعية ولكن في كل الأحوال أيضاً يلزمنا التفقه في الواقع والتعامل مع معطياته بشكل يتفق مع القواعد الشرعية ويستجيب للضرورات المجتمعية القاضية بضرورة استيعاب فئة الشباب ضمن نطاق المجتمع السعودي بمبادئه وتقاليده المعروفة. لقد عانينا في الفترة الأخيرة من تداعيات البعد عن الشباب حتى تكون فكر البعض منهم في بيئة لها مبادئ ومنطلقات وأهداف تختلف جذريا عما هو سائد في مجتمعنا، وهذا يعني أن البعد عن معرفة احتياج الشباب في فترة الصيف قد يؤدي أيضاً إلى انحرافات سلوكية تتشكل مكوناتها في مجتمعات لا تدين بما ندين ولا تحتكم إلى تقاليد اجتماعية تماثل ما هو سائد في مجتمعنا أو قد يؤدي إلى انصراف الشباب إلى تكوين تجمعات داخل مجتمعنا لها أهداف ومجالات لا تتفق مع أهدافنا وتطلعاتنا نحو هذه الفئة المهمة. وإذا أخذنا البعد الاقتصادي في الاعتبار فإن تكلفة إهمال الشباب وعدم القدرة على استيعابهم خلال فترة الإجازة الصيفية تتجاوز الحدود والتقديرات الملموسة التي تهتم بها دراسات الجدوى والمكاتب السياحية وأصحاب المناشط الترفيهية لتصل إلى في بعض الأحوال إلى مرحلة تهدد ثوابت ومرتكزات المجتمع بشكل عام. وبالتالي فإن الوقت قد حان لإعادة النظر نحو مفهوم الإجازة الصيفية ومفهوم التعامل مع فئة الشباب حتى لا تسهم الإجازة الصيفية في تضييع الشباب وحرمان المجتمع من قدراتهم ومساهماتهم الإيجابية.. فهل يتحقق ذلك.. الله أعلم.