عبارة عن حكاية قصيرة تتناول موضوعا معينا.. ومعناها في اللغة الجلسة، وقد ذكر بأنها المجلس الذي يحض فيه الخطيب على فعل الخير.. وعرفها (الشريشي) بقوله: (والمقامات المجالس.. وأحدها مقامة.. والحديث يجتمع له ويجلس لاستماعه ليسمى مقامة ومجلسا.. لأن المستمعين للمحدث ما بين قائم وجالس.. ولأن المحدث يقوم ببعضه تاره ويجلس ببعضه أخرى).. هذا وتعتبر المقامة تطويرا للأحدوثة في الكلام.. وقالوا: انها في الجاهلية مجتمع القبيلة، وفي العهد الاموي الأحاديث التي تروى في مجالس الخلفاء.. وأخيراً هي كلام الكدية (جماعة سبقت (ميكا فيللي) في (الغاية تبرر الوسيلة) والاستجداء بلغة مختارة. والمقامة وليدة تيارين: أدب الحرمان والتسول في القرن الرابع الهجري.. وأدب الصنعة. وقد قيل: ان (ابن دريد) الأصل في هذا الفن بينما ينكر آخرون هذا ويقولون: ان بديع الزمان الهمذاني صاحب السبق. المهم ان البديع هو الذي بلورها ووصلت على يديه أعلى مستوياتها.. وقد قلده كثيرون أشهرهم (الحريري) الذي حاكاه كل من: السرقسطي والزمخشري والسيوطي والشيخ ناصيف اليازجي.
نموذج: المقامة المضيرية
حدثنا عيسى بن هشام قال: كنت بالبصرة، ومعي ابو الفتح الاسكندري، رجل الفصاحة يدعوها فتجيبه والبلاغ يأمرها فتطيعه، وحضرنا معه دعوة بعض التجار فقدمت الينا مضير (اللحم الذي يتم طبخه باللبن) تثنى على الحضارة، وتترجرج في الغضارة وتؤذن بالسلامة، وتشهد لمعاوية، رحمه الله بالإمامة، في قصعة يزل عنها الطرف، ويموج فيها الظرف، فلما أخذت من الخوان مكانها، ومن القلوب أوطانها، قام ابو الفتح الاسكندري يلعنها وصاحبها ويمقتها وآكلها وثيابها وطابخها، وظنناه يمزح، فإذا الأمر بالضد، وإذا المزاح عين الجد، وتنحى عن الخوان، وترك مساعدة الاخوان، ورفعناها فارتفعت معها القلوب، وسافرت خلفها العيون، وتحلبت لها الافواه (سال اللعاب) وتلمظت لها الشفاه، واتقدت لها الأكباد، ومضى في أثرها الفؤاد، ولكنا ساعدناه على هجرها.وفي الختام لا يفوتنا ان نذكر: ان العادة جرت في المقامات ان يمهد لها برواية شخص يجريها على لسان البطل كما فعل البديع ببطل مقاماته (الاسكندري) الذي نتبين اعماله من خلال (عيسى بن هشام).. والحريري عندما وطأ لطلبه (أبي زيد السروجي) برواية (الحارث بن همام) وكذا اليازجي نحلها (ميمون بن خزام) على لسان سهيل بن عباد).
|