عمل جليل أن يقوم الناس بالتبرع بالدم الذي يحتاج إليه الناس في حالات الخطورة، ولكم أنقذ ذلك الدم أرواحاً كثيرة، وقدم خدمات جليلة عند الحوادث الطارئة.
والغريب في أمر (الدم) هو ما يشرحه لنا هنا د. عمار اليوسف (أخصائي أول أمراض الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى الحمادي بالرياض) بأن هناك ما يسمى بالرصات الدموية التي يختلف نوعها باختلاف فصيلة الدم، ومن حكمة الخالق عز وجلَّ أنه لا يمكن أن يجتمع النوع نفسه من المستضدات والرصات عند الشخص نفسه.
وفي البداية يوضح لنا د. عمار اليوسف المقصود بفصيلة الدم وأنواعها قائلاً: يقصد بفصيلة الدم تلك البروتينات المستضدية الموجودة على سطح الكريات الحمراء، حيث تمت معرفة أنواع كثيرة من هذه البروتينات ولكن أهم نوعين هما النوع ABO والنوع RH.
1- النوع الأول ABO:
يختلف الناس فيما بينهم بقدر ما يحملون من مستضدات بروتينية على سطح كرياتهم الحمراء، فمن كان يحمل البروتين A كانت فصيلة دمه A، ومن كان يحمل البروتين B كانت فصيلة دمه B، ومن كان يحمل البروتينين معاً كانت فصيلة دمه AB، ومن لا تحمل كرياته الحمراء أياً من النوعين كانت فصيلة دمه O، وإلى جانب هذه المستضدات البروتينية يوجد في بلازما الدم ما يسمى بالراصات الدموية التي يختلف نوعها باختلاف فصيلة الدم، ومن حكمة الخالق عزَّ وجلَّ أنه لا يمكن أن يجتمع النوع نفسه من المستضدات والراصات عند نفس الشخص وإذا حصل هذا أدى إلى تراص خطير في الكريات الحمراء وحدوث الانفجار والانحلال فيها.
فصاحب الزمرة A يحمل مستضد A على كرياته الحمراء، واضداد ضد B في بلازما دمه، وصاحب الزمرة B يحمل مستضد B على كرياته الحمراء وأضداد ضد A في بلازما دمه، وصاحب الزمرة AB يحمل المستضدين معاً على كرياته الحمراء ولا تحوي البلازما أي راصات، أما صاحب الزمرة O فإن كرياته الحمر لا تحمل أياً من هذه المستضدات ولكنه يملك أضداد ضد A و B في بلازما دمه.
ويستطرد د. اليوسف قائلاً: تعتبر الراصات الدموية نوعاً من أنواع الغلوبولينات المناعية ذات وزن جزيئي كبير يسمى IgM لا يستطيع اختراق المشيمة بسبب كبر حجمه. ولكن لوحظ أن بعض الأمهات ذوات الزمرة الدموية O لديهن نوعان من الراصات ضد المستضيد A هما IgM لا يستطيع اختراق المشيمة ونوع IgG يستطيع اختراق المشيمة ويتم اكتساب النوع الثاني IgG اكتساباً من خلال التعرض لمواد بروتينية تشبه بنيتها المستضدية بنية المستضد A فتحدث ارتكاساً تمنيعياً في جسم تلك الأمهات فتشكل أضداداً من نوع IgG فهي اضداد اكتسبت اكتساباً بيئياً من خلال التعرض لبعض المواد مثل مواد التجميل وبعض الأدوية الخاصة وبعض أنواع التطعيمات وليس اكتساباً موروثاً مثل الراصات من النوع IgM.
فإذا كانت الأم الحامل ذات زمرة O ولديها اضداد ضد A من نوع IgG وليس فقط IgM وزمرة جنينها A فسوف تمر هذه الاضداد عبر المشيمة وتتفاعل مع المستضد A الموجود على سطح كريات دم الجنين ثم يحدث انفجار وانحلال فيها فيصاب بدرجات متفاوتة من فقر الدم والشحوب والوذمات والحبن وقصور القلب الاحتقاني، وبعد الولادة يمكن أن يطور يرقاناً شديداً قد يحتاج إلى تبديل دم، أو معالجة ضوئية.
وهكذا نرى من خلال ما سبق أن انحلال الدم عند الأجنة بتنافر المجموعة ABO يكاد يكون محصوراً في حالة واحدة هي إذا كانت زمرة الأم O وزمرة الجنين A وبشكل أقل B، وليس هذا فقط، بل من نعمة الله عزَّ وجلَّ أن الانحلال لا يحدث دائماً في كل هذه الحالات والحمد لله، حيث إن الأمر كما قلنا متعلق بوجود اضداد من نوع IgG وبكمية هذه الأضداد، ويمتاز هذا الانحلال أنه أشيع الأنواع وأقل خطورة.. وأنه يمكن أن يصيب المولود الأول ولا يوجد فيه علاج وقائي خلال الحمل، اللهم إلا الحالات الشديدة جداً والقليلة جداً التي يمكن أن تحتاج إلى ما يسمى بنقل الدم داخل الرحم إلى الجنين.
2- النوع الثاني من فصائل الدم: مجموعة ال RH
يصنف البشر اعتماداً عليها إلى إيجابي الرايزوس ( RH+) ويشكلون 85 % من عامة الناس وسلبي الرايزوس (RH-) ويشكلون 15 %، ويتم التصنيف اعتماداً على وجود المستضد D على سطح الكريات الحمر أو عدم وجوده، يعتبر المستضد D بروتينا شديد التمنيع ولا يترافق وجوده على سطح الكريات الحمراء بوجود راصات دموية بالبلازما عند الشخص السليم كما في مجموعة ال ABO، وهنا إذا كانت الأم سلبية الرايزوس بغض النظر عن زمرتها ال ABO وكان لديها اضداد IgG ضد المستضد D مسبقاً بسبب نقل دم سابق أو إجهاض سابق أو بزل سائل أمنيوسي أو حدوث نقل دم جنيني والدي خلال حمل سابق وكان جنينها الحالي إيجابي الرايزوس فسوف تمر هذه الاضداد من دم الأم عبر المشيمة وتتفاعل مع المستضد D وتحدث انحلالاً وانفجاراً حادا بالكريات الحمر.
ويمتاز هذا النوع من انحلالات الدم أنه أقل شيوعاً من سابقه ولكنه أخطر وأكثر شدة... وأنه لا يصيب المولود الأول إلا إذا كانت الأم سلبية الرايزوس قد تعرفت على المستضد D قبل الحمل بسبب نقل دم إيجابي الرايزوس أو بذل سائل أمنيوسي خلال الحمل أو بسبب إجهاض سابق لجنين كان إيجابي الرايزوس، ويوجد لهذا النوع علاج وقائي مهم جداً هو إبرة مضاد المستضد D تعطى في العضل لكل امرأة حامل سلبية لرايزوس يأتيها مولود إيجابي الرايزوس.
3- النوع الثالث :
نادر الحدوث ناجم عن ما نسميه الزمر الدموية الفرعية، حيث إننا كما قلنا سابقاً أن الكريات الحمر تحمل على سطحها بروتينات متعددة مثل A وB وD وهي الأنواع الرئيسية ولكن العلم الحديث توصل لاكتشاف ما يقارب 500 مستضد آخر محمول على سطح كرية دم الإنسان الحمراء وإعطائها رموزاً مختلفة مثل: MNSs - Lutherman - Kell - Kidd - DuffY - Dombrock ودائماً يحدث انحلال الدم عند الجنين بنفس الآلية ethiology وهي مرور اضداد من نوع IgG حصراً عبر المشيمة وتفاعلها مع مستضدات متوافقة معها موجودة مسبقاً على سطح الكريات الحمراء.
|