Monday 19th July,200411617العددالأثنين 2 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الطبية"

الخلية وجسم الإنسان الخلية وجسم الإنسان
د. محمد موافي ( * )

يحتوي جسم الإنسان على عدد رهيب من الخلايا المتنوعة ولكل خلية وظيفة خاصة تقوم بها على أكمل وجه.. وهذه الخلايا لا ترى بالعين المجردة وتحتوي كل خلية بداخلها على (23) زوجا من الصبغيات، وكل زوج من هذه الصبغيات يحمل مورثا من الأب والأم أي أن الإنسان يحصل على زوج من المورثات من والديه. فإذا تعطلت إحدى المورثات لسبب من الأسباب الوراثية فإن الأخرى تقوم بهذا العمل ولو بشكل جزئي لكي تستمر الحياة.
وكل أزواج الصبغيات تتشابه فيما بينها ما عدا زوجا واحدا من الذكور لا يتطابق لأنه يحوي صبغيا أنثوياً (x) والصبغي الآخر ذكري (y).
وعلى طول هذه الصبغيات توجد عقيدات صغيرة وهذه العقيدات تسمى الجينات (المورثات) وفي هذه الجينات تكون أو تكمن الحياة والنوع. وعدد هذه الجينات في الإنسان تتراوح من 60 - 80 ألف جين، وكل جين من هذه الجينات مسؤول عن شيء محدد في الجسم وغياب أحدها يؤدي إلى مرض وراثي معين.
التركيبة الكيميائية لهذه الجينات هي (DNA) ويتكون من عدة أحماض أمينية فمرض الناعور مثلا هو مرض وراثي مرتبط بالجنس أي أن الجين المسؤول عن هذا المرض موجود على الصبغي (x) ويظهر هذا المرض بنزف عفوي (بدون سبب واضح) والسبب هو نقص العامل الثامن لتجلط الدم الموجود في الدم ويصاب عادة بهذا المرض الذكور بينما تكون الإناث حاملة للمرض وتنقله لأطفالها فيما بعد وتصاب الإناث بهذا المرض إن كان الأب مصابا والأم حاملة لهذا المرض.
ومثال آخر للأمراض الوراثية هو مرض ال(دادن) أو ما يعرف بالأطفال المنغوليين وهو مرض معروف ومنتشر في العالم حيث يولد طفل واحد مصاب بهذا المرض مقابل (2300-2500) طفل سليم وقد كان يظهر في الأول أنه مرض وراثي ولكن في الحقيقة ليس له أي علاقة بالوراثة ولكن له علاقة بعمر الأم فكلما زاد عمر الأم الحامل تزداد نسبة ولادة طفل منغولي فمثلا إذا كان عمر الأم (20) عاماً تكون النسبة من 1-2500 بينما إذا كان عمر الأم (40) عاما تصبح النسبة من 1-100 طفل.
والطفل المنغولي متخلف عقلياً ونسبة التخلف تتراوح بين تخلف شديد بحيث لا يستطيع هذا الطفل دخول المدرسة وتخلف بسيط يستطيع من خلاله الطفل إكمال التعليم الإعدادي. والطفل المنغولي طفل سليم يثير البهجة أينما وجد وهو نشيط دوما ومحب للناس، كما أنه محبوب من الناس وهو عادة يكون قصير القامة وعيونه صغيرة مائلة وجسمه ممتلئ يشيخ مبكرا، ولا يعمر هؤلاء الأطفال طويلا فهم يموتون في سن الأربعين ويكون لديهم عيوب خلقية تعجل من وفاتهم مثل ثقب القلب، ولدى هؤلاء الأطفال المنغوليين شذوذ في الصبغي (21). وأصبح الآن بفضل التقدم التكنولوجي إمكان تحديد الصيغة (الخريطة) الوراثية للجنين في الأسابيع الأولى من الحمل وذلك بأخذ عينة من السائل الأمينوسي بواسطة إبرة معينة ودراسة خلايا الجينة الموجودة في هذا السائل وتحديد ما إذا كان الطفل سيولد سليما أم منغولياً.
ويوجد الآن مئات من المختبرات الوراثية في شتى أنحاء العالم وتتركز في البلاد المتقدمة.. وتقوم هذه المعامل بدراسة جينات الإنسان والحيوانات والنبات وتركز دراستها على البكتيريا والفيروسات.
ويتم في هذه المخابر التلاعب بالجينات في أجنة الحيوانات، إذ يتم إضافة أو حذف جين معين وذلك ضمن برنامج خاص، وكذلك نقل جين معين من حيوان إلى حيوان آخر مختلف عنه في النوع والفصيلة، ولن يمر وقت طويل حتى تسمع وترى عن أشياء لم تخطر بذهن البشر.
وبالنسبة للنبات فإنه يتم بالفعل التلاعب بجينات معظم البذور ومعظم ما نراه الآن من خضار أو فاكهة في الأسواق يدل على ذلك.
أما بالنسبة للفيروسات والبكتريا.. فإن البشرية بدأت تحضير ثمار تلاعب الإنسان بجينات هذه الكائنات الحية الدقيقة مثل بكتيريا الجمرة الخبيثة، وفيروس الإيدز وقد استخدم هذا العام في الحرب وهو ما يطلق عليه السلاح البيولوجي وهو من أخطر الأسلحة وأقلها تكلفة. فمثلا البودرة التي تحوي بكتيريا الجمرة الخبيثة ما هي إلا اختراع بيولوجي ففي الطبيعة لا توجد بكتيريا على شكل بودرة.
بدأ علم الوراثة مع الراهب (جوهان مندل) الذي يعمل بالزراعة وقد شغل ذهنه تحسن أصناف النباتات فدرس نبتة (البازلاء) حيث زاوج أنواعأ كثيرة منها مختلفة الشكل والحجم واللذة وتبين له بعد دراسة طويلة أن لا شيء يحدث عشوائيا وأن للوراثة قدسية معتمدة لكنها ثابتة.
ويبقى سؤال واحد وهو إلى أين!! وما الغاية من كل ذلك، وهل سيكون لخير الإنسانية أم لفائدة عدد محدد من الشركات العملاقة. وهل الجشع المادي والفضول العلمي سيؤديان في النهاية إلى أن يدمر الإنسان نفسه بنفسه سواء عن طريق الخطأ غير المقصود أم عن طريق فعل شيطاني.. الله أعلم..
اللهم آتتا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم احمنا من شر أنفسنا فأنت السميع العليم.. وربما أراد الأحمق نفعك فضرك..
ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل..

) * ) استشاري الميكروبيولوجي والمناعة والفيروسات
مدير المختبرات بمستشفى الحمادي بالرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved