لئن كان الوفاء من أحلى الطعوم مذاقا في هذه الدنيا، فما أحلاه من أفراد شعب لوالدهم وقائدهم - خادم الحرمين الشريفين - حيث وهب نفسه لخدمة أمته، وكافح من أجل النهوض بهم، والسمو بحياة أبناء وبنات هذا البلد، وإذا كانت حكومتنا الموقرة، قد أقرت طعام الجائع، وأمن الخائف، وحماية الضعيف، وهداية الضال حقوقا إنسانية في عنقها: فإنها قد حققتها لأفراد شعبها ونهضت بها ودبرتها ووفرتها كما أنها أعطت الأولوية لنشر العلم والتعليم، لعلمها بحاجة الفرد الى التعلم، كاضطراره الى الغذاء، وما أشبه حاجة الجاهل إلى العلم بحاجة المظلم الى الضياء، وقد نشطت لذلك وأعدت للتعليم دينا عليها فوفته حقه واعتبرت تعلم الأفراد ذكوراً وإناثا مصلحة وطنية لن ينجح المجتمع إلا به بل وقد جعلت ذلك أول باب تنفق فيه وأول هدف تسمو إليه وتبتغيه وما دام الوالد خادم الحرمين الشريفين قد وفى لجميع بنات المملكة حقهن في التعليم ومهّد لهن سبل سعادتهن وحماهن بتعليمهن، واعتبر ذلك أول واجباته وأسمى خدماته منذ كان وزيرا للمعارف - سلمه الله - لعلمه ان التعليم عامة هو الأساس لمن أراد البناء، والدعامة لمن رغب السمو والنهوض في زمن أصبح الفرد فيه للجماعة والجماعة للفرد لا غرو فقد شملت النهضة التعليمية الدفاقة كل مرافق المملكة من مدارس ابتدائيات الى متوسطات فثانويات ومعاهد وكليات وجامعات، فكان ذلك آية توفيقها. ومما لا مجال للشكل فيه ان ازدياد عدد الكليات والجامعات، يعد بحق اتجاها حكيما للتثقيف وتنمية المدارك وهو القنطرة الى الدراسات العليا يهدف الى أغراض سامية ونتائج وطنية راقية، كما انه اتجاه عملي وأسلوب شريف يجب ان يقدره المسؤولون في الوزارة والقائمون على شؤون تعليم البنات ممثلة بوكالة الوزارة لكليات البنات والا يقفوا بتعليمهن عند حد معين ما دامت الطالبة راغبة في المزيد.
إن كثيراً من المتخرجات متفوقات وجديرات بتحقيق رغباتهن وطموحاتهن مثل المعيدات وفتح باب القبول لهن في الدراسات العليا من (الماجستير الى الدكتوراه في جميع كليات التربية بالمملكة).
كما نأمل - وآمال المواطنين والمواطنات عراض - في حكومتنا الرشيدة بألا تبخل على بناتها بافتتاح كليات تلتحق بها كل من حرمت من مواصلة دراستها الجامعية العليا، لأنهن في وضعهن الآن - بدون مواصلة - كأنهن لم يتعلمن، بعد هذه التكلفة الباهظة على الدولة في دراستهن السابقة وانقطاع حبل العلم بهن في منتصف الطريق. وما الضرر أو العيب في توسيع وفتح برامج للدراسات العليا يلتحقن بها؟
وإن الأمل وطيد، والرجاء كبير من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم ان يولوا اهتمامهم ويوجهوا عنايتهم الى الدعم المستمر المتواصل لهذا الهدف النبيل، أو هل يغيب عن علمهم ان هذه الدراسات العليا ستكون دراسة خالصة لوجه العلم نزاعة الى مراتب الفن الرفيع، لا اسهاما منها في محاربة الجهل ونشر العمل والمعرفة فحسب، بل في ان تخرج للوطن طائفة من ذوي المواهب الممتازة والكفاءات التي لم تتح لها من قبل الفرص أو الظروف المناسبة، والحق انه لا يشحذ عصامية العصاميات من الفتيات المؤهلات، ولا يكشف عن عبقرية الموهوبات الا مثل هذه الدراسات العليا من مثل (الماجستير ودكتوراه وغيرها) وانه غير خاف على المسؤولين ونأمل ألا يغيب عن أذهانهم شدة إقبال الطالبات والمتخرجات المعيدات في الكليات وتحمسهن للدراسات العليا.
وانه لمما يشجع على الأمل لتحقيق ذلك، ومما يبعث على الأمل والتفاؤل والزهو ان نرى الفتاة السعودية في كل مناطق المملكة قد نهضت نهضة مباركة ونالت الكثير من حقوقها في العلم والمعرفة ونافست مدرِّستها السابقة وزميلتها من المتعاقدات وأكدت ان بمقدورها ان تقوم بجميع الاعمال التي تقوم بها الأخوات المتعاقدات إداريا وتعليميا واجتماعيا في كثير من الميادين العلمية والعملية كمربية فاضلة وموجهة كريمة ومعلمة تقوم على تربية فتياتنا فتعطيهن من روحها، وتنشئهن أحسن تنشئة.
ومن المعلوم المؤكد أيضا لدى المسؤولين عامة في الدولة ان المرأة لا يتحقق كمالها إلا بثقافتها ورقيها في التعليم حتى بلوغ الغاية، لتنهل من موارده العليا، فعساهن يجدن التشجيع الكامل من لدن المسؤولين من وزارة التربية والتعليم وشؤون تعليم البنات، وإتاحة الفرص لهن في مجال التعليم الجامعي والعالي ولا شك في انهم يقدرون هذه المسؤولية وحكومتنا الموقرة لم تبخل سلفا على أبنائها وبناتها فما على البطانة الصالحة إلا ان تذكر وتشير وستجد حكومتنا الموقرة تستجيب كما عودت أفراد شعبها بالمكرمات السخية المتلاحقة.
|