قد لا تسعفني العبارات كثيرا هنا في توضيح ما أريد الوصول إليه بالدقة الكاملة لكن حسبي أن أشير إلى صفة منهجية يجب أن تكون لدى كل باحث في التاريخ بل في كل العلوم والدراسات الانسانية فالذي يجب ان يكون عند كل باحث انه حينما يريد أن يدرس موضوعا من الموضوعات أن يأتي إلى هذا الموضوع وهو خالي الذهن بمعنى أنه يأتي إلى هذا الموضوع وليس في جعبته سوى البحث عن الحقيقة فهو لا يبحث من أجل تأكيد موضوع معين في ذهنه ومن ثم يأتي بالشواهد والنصوص التي تخدم رأيه ويتعامى عن النصوص والأقوال والشواهد التي تخالف رأيه، وكما قيل قديما ان الباحث الحق هو من يأتي بالدليل ثم على ضوئه يصدر الحكم. أما الباحث صاحب التوجه غير المحمود هو من يأتي بالحكم المعين ثم يأتي بالأدلة التي تدعم هذا، وهنا تكمن الطامة حينما يصدر أحدنا الأحكام سلفا ثم يقلب في بطون الكتب والمراجع من أجل نصرة قوله.
على الباحث حينما يدلف إلى مكتبته من أجل البحث عن موضوع معين أن يبتعد عن المؤثرات الخارجية وألا يكون في ذهنه فلان أو علان ممن يختلف معهم في الرأي فلو وجد ان قول خصمه هو الصواب فليرجع إليه ولا يواصل البحث في الكتب وبين السطور من أجل استخراج شاهد أو نص يدعم رأيه لو كان هذا الشاهد مرجوحا أو النص ضعيفاً.
وليتذكر كل منا أن الكثير من العلماء لهم ما يعرف بالتراجعات والتصويبات على أنفسهم حتى ان بعض العلماء جمعت تراجعاتهم في كتب مستقلة من قبل بعض تلاميذهم ولم ينقص ذلك من قدرهم بل زادهم ذلك مكانة عند الجميع وجعل لأقوالهم رسوخاً عن الآخرين.
وعلى العموم إن قبلت هذه الصفات (جدلا) في بعض الناس فهي لم ولن تقبل عند أرباب القلم وصنّاع الحرف.
وختاماً: أليس من واجب الشباب الذين شرعوا هذه الأيام في كتابة تاريخنا المحلي والأسري ان تكون هذه المنهجية في أذهانهم؟ وهي إن شاء الله كذلك لكن الذكرى والتذكير مطلبان مهمّان لا يستغني عنهما أحد.
للتواصل- فاكس 2092858
|