نوافذ
مدن البحر
أميمة الخميس

عندما زرت مدينة (دبي) قبل ما يقارب عشر سنوات، ضقت بها ولم أحبها!! كان هناك الكثير من الرمال واللون الباهت المعتكر، الذي يصبغ أجواء المدينة، ولم أر سكان المدينة الأصليين.. كان هناك الكثير من الآسيويين في الشوارع، مع بعض الفنادق الفخمة الفارهة، كنت أحسها (كامب أنيق) لشركة أجنبية تنقب عن النفط، وطوال فترة مكوثي بها -آنذاك- كانت أجواء رواية مدن الملح للروائي الراحل عبدالرحمن منيف تصاحبني..
هذه الذكرى الشاحبة أقصتني عن (دبي) طوال هذه السنين، إلى أن أعدت اكتشافها الشتاء الماضي، عندها اكتشفت مدينة أخرى حددت مصيرها وملامحها وتوجهاتها، وصنعت تجربة خليجية مميزة، سواء على مستوى صناعة الفرد وتأهيله أو على مستوى استقطاب آخر ما توصلت له التقنية العالية، في عملية تحدٍ واضح مع الوقت.. والمعوقات.. وطوفان الرمال.
وكنت كل صباح أشاهد من نافذة الفندق مشروع النخلة ينفرش على مياه بحر الخليج أمامي، فيشير بوضوح إلى مدينة اختارت لها قدرا آخر أمام مردة الرمال الصحراوية.
ومنذ فترة قرأت في الصحف أن جميع شقق مشروع عقاري والبالغ عددها (780) شقة قد بيعت بالكامل خلال (48) ساعة من طرحها للبيع، وأن أعداداً كبيرة من المشترين كانوا من السعودية، الأمر الذي يجعلنا نتوقف ونطلق السؤال المحرق تلو السؤال: لماذا؟؟.. نحن لدينا الشواطئ الجميلة الخلابة.. ولدينا التعداد السكني الوافر.. وتجربتنا الحضارية والتاريخية أعمق وأعرق من جميع دول الخليج؟؟
فلماذا يختار السعوديون الذهاب إلى الخليج والشراء هناك والاستجمام والاستمتاع هناك؟
هذه الأسئلة يجب أن تُطرح بوضوح ومن خلال الكثير من الصراحة والمكاشفة، قبل أن نضع برامجنا السياحية.. قبل أن نشكو من الهدر السنوي لمليارات تضيع في السياحة الخارجية.. وقبل أن نتهم الكثير من الأطراف بالعقوق والجحود للوطن.