Sunday 18th July,200411616العددالأحد 1 ,جمادى الثانية 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الاقتصادية"

خداع إعلاني خداع إعلاني
سلطان بن محمد المالك(*)

قرأت في إحدى الصحف الإماراتية -لا أتذكر اسمها حاليا- موضوعا عن إعلان تجاري يعد واحداً من أغرب عمليات الاحتيال في المجال الإعلاني التي حدثت مؤخرا في المملكة المتحدة. والقصة أن أعلنت إحدى شركات التأمين البريطانية أنها دفعت مبلغ 1.6 مليون دولار لشخص حصل على بوليصة تأمين بعد خطف الكائنات الفضائية له، وبعد شهرين ادعى هذا الرجل أن الكائنات الفضائية خطفته، وظهر على شاشة التليفزيون يطالب شركة التأمين بدفع قيمة التأمين. وبعد أيام ظهر الرجل نفسه على شاشة التليفزيون وهو يتلقى شيكا بقيمة التأمين من مدير الشركة. ولكن الصحف البريطانية كشفت أن العملية بأسرها مزيفة، فلا الرجل وقع بوليصة تأمين، ولا الشركة دفعت له، وكل ما شاهده الناس على الشاشة مجرد احتيال وتزييف. وقالت الصحف إن كشف الخديعة حدث بالصدفة، عندما اتصل بعض معارف الرجل، وذكروا أن الاسم الذي ظهر به على شاشة التليفزيون ليس اسمه الحقيقي.
والقصة بدأت، جماهيريا، عندما فوجئ الناس برجل في الرابعة والعشرين من العمر يدعى مارك كاربنتر يظهر على شاشة التليفزيون ويطالب شركة جُودفيلو رابيكا انجرام بيرسون ليمتد للتأمين بمبلغ 1.6 مليون من الدولارات هي قيمة وثيقة وقعها معها ضد خطف الكائنات الفضائية له، وقال الرجل انه اشترى بوليصة تأمين بمبلغ 240 دولارا من الشركة تتعهد بموجبها بدفع مبلغ 1.6 مليون دولار له إذا تعرض لعملية خطف من جانب الكائنات الفضائية. وبعد شهرين حدثت عملية الخطف، وظهرت سحابة من الضوء وحملته إلى ارتفاع 100 متر في الجو، حيث التقى بكائنات فضائية رمادية اللون، صغيرة الحجم، وبعد فترة أعادته هذه الكائنات إلى الأرض، دون أن تلحق به أي أذى.
وذكرت مجلة الأجسام الطائرة -مجهولة الهوية- أن أعمال شركة التأمين التي قال كاربنتر انه وقع الوثيقة معها ازدهرت إلى حد كبير بعد ظهوره على التليفزيون، واقبل الناس على توقيع بوالص تأمين معها، ومن ضمنها بوالص ضد خطف الكائنات الفضائية لهم. ولكن هؤلاء سرعان ما اكتشفوا أنهم وقعوا ضحية عملية احتيال، عندما تبين أن مارك كاربنتر يمتلك شركة جودفيلو رابيكا انجرام بيرسون للتأمين 50% من أسهمها، وانه هو شخصيا يمتلك نسبة من أسهم شركة التأمين نفسها، وان الاسم الحقيقي لمارك كاربنتر هو جو تاجلياريني وليس مارك، وقد كشف القصة بعض معارفه عندما شاهدوه على شاشة التليفزيون بالاسم الجديد، فظن هؤلاء أن الرجل فقد ذاكرته بعد تعرضه لحادث الخطف على يد الكائنات الفضائية، واتصلوا بمجلة الأجسام الطائرة مجهولة الهوية يقولون إن صديقهم يهذي؛ إذ أن اسمه هو جو، وليس مارك، فتولت المجلة التحقيق في القضية واكتشفت الخدعة.
والطريف أن مدير شركة التأمين ذكر أن شركته توقع وثائق ضد خطف الرجل الذئب للبشر، وضد اعتداء مصاصي الدماء، ورغم أن الشركة ما زالت تصر على أنها دفعت المبلغ، فإنها خسرت سمعتها في السوق، وبات المسئولون في قطاع التأمين والزبائن على حد سواء يعاملونها باعتبارها شركة كاذبة، وعادت أسهمها إلى التدهور بعد الارتفاع الذي شهدته في اثر الحادث.
أحمد الله أن حبانا نعمة العقل والدين؛ لنستخدم عقولنا قبل أن نكون ضحايا لمثل هذا النوع من الإعلانات المزيفة.
***
ونحن هنا في المملكة يوجد لدينا أنواع أخرى من الخداع الإعلاني، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، أذكر هنا ما قرأته قبل فترة بسيطة لإعلان نشر في إحدى صحفنا المحلية، والإعلان خاص بمستوصف أسنان في مدينة الرياض، يعلن عن وصول طبيب زائر من دولة عربية شقيقة لمدة محدودة، وأن هذا الطبيب سوف يستقبل المراجعين للكشف على أسنانهم وعلاج جميع مشاكل تقويم الأسنان خلال جلسة واحدة. استوقفني هذا الإعلان لغرابته وعدم واقعيته واستغفاله لنا.. أيعقل هذا وخلال جلسة واحدة؟؟ ما نعرفه أن أول زيارة لطبيب الأسنان تحتاج إلى وقت للكشف، ومن ثَمَّ إجراء أشعة وأخذ مقاسات للأسنان، وبعدها تأتي جلسات مستمرة، وقد تصل إلى شهور أو سنوات حسب حالة المريض!!!! أما أن يتم التقويم خلال جلسة واحدة، فهذا -واللهِ- إعجاز طبي لم نسمع به إلا من هذا المستوصف وطبيبه الزائر!!!!!!
***
هذه النوعية من المنشآت ومن يعينهم على تصميم إعلاناتهم، هم -وللأسف الشديد- مَنْ يقدم صوراً سيئة أمام العامة من الناس عن التسويق والإعلان، وأنها أنشطة تفتقر للمصداقية، وغالبا ما تعمل هذه المنشآت بدون استراتيجيات تسويقية طويلة الأجل.
فالنصيحة أن نتوخى جميعا الحذر، وألا نندفع وراء إعلانات مشبوهة غير واقعية تميل للخيال. وكما يقول المثل العامي (حبل الكذب قصير)، فمصداقية هذا النوع من الإعلانات تكون لفترة محدودة، وتنقلب على أصحابها بآثار سلبية بعد فترة وجيزة.
أختم هذا المقال بآية كريمة من مُحْكَمِ كتاب الله المُنَزَّلِ من سورة فاطر {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (43)

(*) مستشار تسويق


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved