Saturday 17th July,200411615العددالسبت 29 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "زمان الجزيرة"

26-10-1391هـ الموافق 14-12-1971م العدد 371 26-10-1391هـ الموافق 14-12-1971م العدد 371
المعارض الفنية
بقلم: إبراهيم الناصر

ساير الفن ارتقاء الذهن البشري منذ مولد الانسانية.. فصوَّر مراحل تطورها خطوة خطوة.. منذ كان الانسان يعيش في الكهوف ويقتات من النباتات.. منذ كان يحتمي بالأشجار من هجمات الحيوانات المفترسة التي تتحين الفرصة لإحياء وليمة على حساب جسده.. وتاريخ الفن حافل بالمآسي.. مكتظ بالفواجع.. فلقد اتهم بالشعوذة وبلبلة الأذهان ونشر الخزعبلات والخرافات.
لذا حُورب في العصور السحيقة شأنه في ذلك شأن الفلسفة والمخترعات العلمية وأية مستحدثات تدخل الحياة الانسانية للمرة الأولى.. إن الخوف من الجديد كان يستحوذ على تفكير المجتمعات القديمة ويثير فيها الرعب.. ذلك أن الذهن الانساني لم يكن قد تفتَّح أو اتسعت مداركه، فالبرق والصواعق والفيضانات جميعها كانت تفسَّر تفسيراً يكشف عن تأصل نوازع الخوف والشك والريبة.. ذلك ان الانسان في ذلك الحين كان سجين أماكن صغيرة تهدده الحيوانات الكاسرة وتفتك به.. لهذا تكالبت عليه الخرافة ودبت المخاوف إلى قلبه الهلوع حتى بات يحمد الله في كل دقيقة لنجاته حتى ذلك التاريخ..
والفن الذي لاقى أصحابه الاضطهاد والعنت لا يقتصر على لون دون آخر.. فهو يشمل الرسم والنحت والموسيقى والغناء والفنون الادبية بجميع اشكالها.. ولكل لون من هذه الفنون مدارسه ومناحيه واتجاهاته.. ويعنينا في هذه الوقفة الرسم بصورة خاصة.. هذا الفن الذي يعتمد على مزج الألوان لتشكل تعبيراً معيَّناً يجسد ما أراد الفنان الإعلان عنه كصدًى لما يعتمل في ذهنه من أفكار أو خيالات.. وإذا كان الفن بصورة عامة يستلهم واقع الانسان أو يستنبط مستقبله.
فالرسم أكثر تعقيداً من هذه الزاوية؛ لكونه يمثل نظرة شخصية بحتة لجانب من جوانب الحياة.. ورغم ان أدوات الرسم آخذة بالتطور فإن اللون يبقى الاساس الذي ينطلق منه هذا الفن.. ولقد برع بعض فناني الرسم وأطبقت شهرتهم الآفاق حتى إن اللوحة الواحدة تباع بمبالغ خيالية؛ نظراً لبراعة الفنان في التعبير عن جانب من جوانب الحياة بالاشارة الموحية واللون المناسب.
ودافعي اليوم لتسجيل هذه الخاطرة هو انتشار المعارض الفنية في بلادنا خلال السنوات الأخيرة.. هذه المعارض التي لقيت تجاوباً كبيراً من عشاق هذا الفن.. حيث اشترك في اقامتها فنانون من الدول الشقيقة، فضلاً عن السعوديين من الجنسين؛ مما يبشر بنهضة فنية في هذا المجال.. وهواة الرسم كثيرون، وليس من المستبعد ان يبدع شبابنا فيه حتى ينالوا من الشهرة ما نال غيرهم.
وفائدة الرسم انه ينقلك وأنت في بيتك او مكتبك عبر اللوحة والفرشاة واللون إلى آفاق جديدة من الرؤية من خلال نظرة الفنان وما ألح على ذهنه في التعبير عنه.. فالنقل الآلي اصبح مدرسة قديمة لا تعترف بمكانتها المدارس الحديثة كالابتداعية والتكعيبية وحتى السريالية.
والرسم بطبيعة الحال هواية محببة تصرف بعض طاقات الانسان لا سيما الشباب منهم في تكوين شخصية مستقلة تستجلي الكون فنياً، فيرق الاحساس ويمتزج بآفاق المعرفة الأخرى.. انني أدعو شبابنا إلى أمثال هذه الهوايات المفيدة، فلربما لمعت في المستقبل بعض الأسماء المغمورة من خلال عمل فني خالد مبدع.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved