* حائل - عبدالكريم التميمي:
عند محطتها الأخيرة استضافت اللجنة الشعبية في مهرجان حائل السياحي لصيف هذا العام 1425هـ (حائل.. صيفها هائل 3) الشاعرين الحميدي الحربي وثامر محمد السبيعي في أمسية شعرية احتضنها مسرح مركز الأمير سلطان الحضاري بمدينة حائل مساء يوم الأربعاء الماضي، وقد تحدث عريف الأمسية رئيس اللجنة الشعبية في البداية عن عمل هذه اللجنة، وما قامت به ملتمساً العذر عما حدث خلال الفترة السابقة من المهرجان بأنه اجتهاد لا يمكن أن يخلو من الأخطاء غير أن العزاء في أنهم بذلوا كل ما يمكن للخروج بعمل جيد متمنياً أن يتم خلال الأعوام القادمة تجاوز السلبيات والاستفادة من الايجابيات.
ثم قدم نبذة شخصية لفارسي الأمسية ومقتطفات من أشعارهما واصفا حائل بأنها (عروس الشعر) التي كانت ومازالت محل اهتمام الشعراء.
وبعدها أفتتح الشاعر والصحفي المعروف الحميدي الحربي مشواره في هذه الأمسية بقصيدة نعم يا وطن ومنها:
نعم يا وطن لك مطلق السمع والطاعة
على منهج الهادي وبأمره وتشريعه
حصين جنابك والعدو خابت أطماعه
تخطاك سو سموم هذره وترويعه
وأتبعها بقصيدة اجتماعية بعنوان: تقول مظلومة ومنها..
تقول مظلومة وأنا أقول عادي
ياما بسجن المجتمع من مظاليم
الآدمي بين اللحد والمهادي
يشوف حال اليسر والعسر والضيم
وجاء الدور للفارس الآخر ثامر السبيعي الذي رغب أن يكون العناق حاراً منذ البداية حين كتب عن حائل:
يا هجوس الشعر سلمى وأجا معنى القصيد
ديرة عل السحايب تعم أوطانها
امطري يا غيمة الشعر بنسمات النشيد
فوق دار محصن الحاتمي ضلعانها
فوق حائل وأهل حائل مطوعة العنيد
الرجال اللي رجح بالوفا ميزانها
ثم تحدث عن غرامه قائلاً:
أنا غرامي يا ملا نقلة الطير
طير الحرار اللي مواكره عليا
طرح الشبك في عاليات الشناظير
حرش كفوفه والمناكيب مليا
والحميدي يدعو للتغني فيقول:
يا ولد غن دام القوس فوق الربابة
هيجن الطرق وإلا غن طرق جنوبي
وإن عصاك اللحن عوّد على اللي تهابه
حيث ما به عذول ولا نصوحٍ كذوبي
ثم يتحدث لنواف بن طلال الرشيد معزياً:
نواف مما حل بك لا تذمر
رغم أن جرح فراق الأحباب كايد
محدٍ على وجه البسيطة معمر
ولا البنادم غير ما الله رايد
أبوك ما اللي فاقده بس شمر
طيب وغالي عند كل البدايد
وتعمق السبيعي في الحديث عن سلبيات المجتمع فقال:
عزي لمن جاله ورى النذل حاجه
يا عنك ما حده زمانه على خير
حده عليه من القسى والعواجه
والنذل نذل ولا ورى النذل تقدير
والجرح يصعب عند مثله علاجه
إما رفض وإلا كذب بالمعاذير
واستطرد موضحاً أمنياته:
طلعة للبر شفي ومقصودي
غيرها مالي مقاصيد وأطماعي
ما حسبت النقص فالوقت والزودي
والليالي ما تغير من طباعي
واستكمل الحميدي إبداعه بقصيدة منها:
يا مفسر أسباب انعزالي عن الناس
عدة تفاسير تحول وترقا
كسّر وجبّر واضرب أخماس بأسداس
وارقص إلى غنت على الغصن ورقا
قفر الخفايا يجهله كل عساس
لو له ذكا هامان وعيون زرقا
وفي قصيدة المتردية والنطيحة قال:
تغري خيالي بيض الأحلام وتشيح
وتقبل علي وجيه سود كليحه
حنادس ما في دجاها مصابيح
كن الضيا عنها بيمنى شحيحه
ولم يقف السبيعي متفرجاً بل جاء بأبيات صفق لها الجمهور طويلا منها:
تلت الجكس آر مع فرز صفاقه
فاهقن العرق والصلب قدامي
غب ماطر ناشين لاح براقه
على ضمام القاع وأروى به الضامي
كما أبدع كثيراً في قصيدته العلم الأول ومنها:
لا غشنك البيض يا وقتٍ مهول
ليه يا وقت الشقاء تبحث خفايه
والله اني صابرٍ والصبر طول
وخايفٍ ظلمك يلحقني مدايه
واختار الحميدي أن يصافح الحائليين فقال:
وش أقول عن حائل وعن طيب أهل حائل
تشيب القوافي ما توفي معانيها
الادراك قاصر عن مدى مجدها الطائل
ولو عز حاضرها حكى مجد ماضيها
إجابتك بالتاريخ يا أيها السائل
عن الماضي الخالد لحائل وأهاليها
بعدها فتح المجال للمداخلات والأسئلة التي تجاوب معها الشاعران وأجابا عنها بشفافية جميلة، وكان الجمهور يعد قليلاً نوعاً ما في كمه وعدده، لكنه كان غنياً وكثيراً في كيفه وتمتعه واستمتاعه بما جادت به قريحة الشاعرين، وقد تحدث عن هذه الجزئية الشاعر الحميدي الحربي بلغته الصحفية موضحاً أن المهم في الموضوع أن يكون الحضور قد أتى ليستمع للشعر ويتذوقه، وأنه وزميله قد سعدا كثيراً بهؤلاء الحضور الذين كانوا فعلاً في حالة إنصات تام وتلهف جميل لسماع قصائدهم.
وكان التلفزيون السعودي كالعادة حاضراً، وتم تسجيل الأمسية وأجريت حوارات تلفزيونية مع الفارسين، بعد أن أعلن عريف الأمسية أن هذه الأمسية هي ختام فعاليات اللجنة الشعبية في هذا المهرجان، وقد عانقت الجماهير الحاضرة شاعريها وهنأتهما على المستوى الراقي الذي كانا عليه.