Saturday 17th July,200411615العددالسبت 29 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

وعلامات وعلامات
من شاغلي الناس (3-4)
عبدالفتاح أبو مدين

يتحدث الأستاذ سامح كريم، فيذكر أن الحكومة المصرية يومئذ، وذلك في شهر فبراير 1932م، أرادت -حكومة صدقي باشا- منح الدكتوراه الفخرية من كلية الآداب لأربعة من السياسيين والأعيان، غير أن الأسماء المختارة لمنحها الدكتوراه الفخرية ليس لأحد منهم علاقة بالأدب، ثم إن هذا التوجه اعتداء على حرمة الجامعة، ولذلك رفض طه حسين -عميد كلية الآداب- الاستجابة لطلب رئيس الحكومة صدقي باشا، فطلب صدقي إلى وزير المعارف حلمي عيسى باشا أن يدعو طه حسين إلى مكتبه، وأن يعرض عليه الأمر مرة ثانية، غير أن طه حسين أصر على موقفه، ونشرت الصحافة خبر هذه المقابلة، ورأت الحكومة إزاء رفض عميد كلية الآداب لما طلب إليه، استبدال كلية الآداب لتصبح كلية الحقوق، بعد أن قال طه حسين لوزير المعارف: (يا باشا عميد كلية الآداب ليس عمدة، تصدر إليه الأوامر فينفذها على الفور، أنا كعميد للآداب لن أوافق على اعطاء الدكتوراه الفخرية لأحد لمجرد أنه من الأعيان أو السياسيين.. لا أوافق، ولا أستطيع حتى أن أعرض هذا الأمر على مجلس كلية الآداب؛ لأن اعضاء هذا المجلس لن يوافقوا).
* غضب وزير المعارف من رفض طه حسين تنفيذ الأمر، فرد بغضب، وقال لطه: (أنت لا تسمع الكلام، حنشوف من ينفذ كلامه)، وهذا التهديد يمثل إنذاراً إلى عميد كلية الآداب، وكانت النتيجة، صدور قرار بنقل طه حسين من كلية الآداب إلى ديوان وزارة المعارف، ونفذ العميد أمر النقل، حيث ترك عمادة الكلية، ولكنه رفض العمل، وشرع في حملته على حكومة صدقي في الصحف؛ لأنها حاولت الاعتداء على حرمة الجامعة.. ونتج عن ذلك، أن طلب صدقي من طه حسين التعاون مع وزير المعارف، لكي يعيده إلى عمادة كلية الآداب ويلغي قرار النقل!
* يقول الأستاذ سامح كريم: (لقد فرض هؤلاء الرجال، وفي مقدمتهم طه حسين بحيويتهم المتدفقة، وعلمهم الزاخر، وتجاربهم الثرية.. فرضوا أنفسهم على عصرهم فرضاً.. ومن هنا نقول إن الذي أفسح لطه حسين طريقه إلى عمادة الأدب العربي، كان طه حسين ابن عصره وابن زمانه، والذي جعله عميداً للأدب العربي، ومؤثراً في عقول أجيال وأجيال، هو طه حسين الطاقة المبدعة لفلسفة هي ابنة زمانها وتجاربها، والذي جعل طه حسين عميداً للأدب العربي هو طه حسين رائد النزعة الإنسانية في الفكر العربي الحديث، والذي جعل طه حسين عميداً للأدب العربي، هو طه حسين الذي فتح للأدب العربي آفاقاً عالمية..).
* وهكذا يعدد الأستاذ سامح، مواقف الأستاذ العميد في النضال بقلمه وعلمه وعمله، وتضحياته من أجل رفع لواء الحرية الفكرية في شتى مرافق الحياة، إلى جانب إقامة سبل نقدية جديدة، وموازين للنقد التي تعمق الآثار الأدبية والفكرية، ولقد حافظ على لسانه العربي الفصيح، ودافع عن اللغة العربية، ودعا إلى حماية اللسان العربي المبين!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved