Saturday 17th July,200411615العددالسبت 29 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

دفق قلم دفق قلم
بين يجب ونتمنَّى
عبد الرحمن صالح العشماوي

القوَّة في مواجهة الباطل مهمة لحفظ الكيان، وردع العدوان، وإرهاب العدوّ حتى لا يتجرّأ علينا،{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، فهنا دعوة واضحة إلى إعداد القوّة التي يحسب لها العدو حساباً فما يحدث نفسه بالاعتداء، والاحتلال وسلب الحقوق، وإهدار الدّماء، وهذا (الإرهاب) النفسي للأعداء بإعداد القوة التي تخيفهم، يختلف - كما هو واضح - عن الإرهاب بمعناه المعاصر الذي اخترعه العالم الغربي ووضع له المواصفات والمقاييس، فهذا الإرهاب بمفهومه المعاصر الذي أصبح يعني الهدم والتفجير والقتل، وإهدار الدماء والأموال غدراً وظلماً مرفوضٌ رفضاً قاطعاً سواء أحدث من دولة، أم من أشخاص، لأنه بهذا المعنى تدمير واعتداء.
إن إعداد القوة مطلب شرعي، وهو عمل استراتيجي يحفظ للدول مكانتها ويصدّ عنها مؤامرات أعدائها التي لا تتوقف.
ولا شك ان الأمة الإسلامية قد فرّطت تفريطاً مؤلماً في إعداد قوّة عسكرية رادعة للأعداء، كما فرّطت في إعداد قوة معنوية موحدة قائمة على بناء النفوس بناء إيمانياً راسخاً تحت لواء شريعة الله الخالدة، وفرّطت في إعداد قوة علمية شاملة قائمة على تشجيع المواهب، ورعاية أصحابها، وتهيئة الأجواء المناسبة لهم للقيام بدور علمي فعّال يرفع من مستوى الأمة، ويقوّي موقفها أمام الأعداء.
وها نحن - في هذه المرحلة - نلمس أثر ذلك التفريط واضحاً جلياً مؤسفاً مبكياً، فالأعداء يضعون الخطط العسكرية والسياسية ويناقشونها عَلَناً، ويحدّدون أوقات بداية الحروب التي يشنّونها ويجلبون إلى بلاد المسلمين قواتهم في وضح النهار، ويبدأون المعركة ويستخدمون الأسلحة المباحة وغير المباحة، ويحتلون البلاد، وأمتنا الإسلامية تحترق قلوب أبنائها وهي عاجزة عن فعل شيء، وماذا تفعل أمة فرّطت في إعداد القوة من كلِّ جوانبها، وفتحت الباب أمام صواريخ الأفكار والثقافات المنحرفة، والأخلاق الفاسدة لتدكَّ صروح الفطرة السليمة في قلوب أجيالها، ولتهشّم معالم الاستقلال الثقافي والفكري تهشيماً أصاب معظم أبناء المسلمين بالضعف والوهن.
أمة مسلمة فعلتْ ذلك، وارتكبت هذه الخطيئة الكبرى، ماذا ستفعل لمواجهة الأعداء؟
هل انتهى الأمر بهذه النهاية المأساوية؟ كلا، فالخير موجود في الأمة لا ينقطع، والمسؤولية الآن أعظم منها فيما مضى، فما أجمل ان يكفّر ولاة أمر المسلمين عن ذنوب التفريط السابقة بالعودة الصحيحة للبناء القوي مادياً وروحياً.
حينما يقول مندوب الأمم المتحدة لبعض الدول الإسلامية الكبرى: يجب بكل حزمٍ وقوة ان تتخلّي عن برامجك النووية بلا معارضة، وان تتعاوني مع المفتشين (الدوليين) بلا قيدٍ ولا شرط، وحينما يقول لدولة اليهود الغاصبة في فلسطين: نتمنّى ان تتعاوني مع الأمم المتحدة في هذا الشأن، يقولها مبتسماً، راجياً خائفاً وجلاً، فإنّ المعادلة هنا تبدو واضحة لكل ذي بصيرة، آه من ضعف أمتنا!
إشارة:


لا تظنوا أدمع العين ستغني
من بكى عن موقف الحق الصُّراحِ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved