إسرائيل تتحدى العالم!
محكمة العدل الدولية أقرّت بعدم شرعية الجدار الذي تريد إسرائيل من خلاله (حماية أمنها الخاص) عبر عزلها للآلاف من الفلسطينيين المدنيين. إسرائيل اليوم تبدو على المحك قانونياً، بعدما صارت على المحك إنسانياً، ربما لأن الإسرائيليين اعتقدوا طويلاً أن الدعم الأمريكي لهم سيكفي لمواصلة الزحف نحو مزيد من القتل والتهجير.لكن العالم تغير اليوم حقاً، والمصطلحات السياسية الضخمة التي كانت تعني من قبل أيديولوجيات بعينها انهارت.إسرائيل التي ضمنت (الدعم الأمريكي) لن تضمن بعد الآن (الدعم القانوني) لأن القانون استيقظ على الكثير من الفظاعات المرتكبة ضد الإنسان مهما كان لونه أو جنسيته أو دينه، بدليل أن أكثر من مائة مليون مواطن خرجوا في العالم رفضاً للحرب على العراق، ليس لمساندة الرئيس المنبوذ والمخلوع صدام حسين، بل لمساندة شعب كان واضحاً أنه سيدفع ثمن الرهانات الكبيرة التي تلعبها القوى الدولية في المنطقة لتغيير جغرافية الشرق الأوسط لأجل (أمن ومصلحة إسرائيل) التي بدورها لا تتقدم خطوة واحدة نحو السلام بقدر ما تهرول نحو التوتر والحرب، بدليل أن عدد الجرائم التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين في عشرة أعوام تجاوز مرتين ما كانت تقترفه القوى المسلحة اليهودية داخل الأراضي المحتلة في العشرين سنة الماضية.الذي يجب التركيز عليه اليوم هو أن ما صدر عن محكمة العدل الدولية كان قراراً صائباً أعاد الشرعية إلى الفلسطينيين، شرعية نضالهم الطويل والمرير لأجل خيار الاستقلال الذي يعني في النهاية استقرار المنطقة كلها، وسلاماً لن يتحقق بعيداً عن حق الفلسطينيين في أرضهم وأمنهم أيضاً.إسرائيل في مواجهة القانون الدولي اليوم، ولكي (تنتصر عليه) فعليها أن ترسل جيشها ليحاصر محكمة العدل الدولية بدعم من طائرات (إف52 الأمريكية) وبدعم من البريطانيين الذين (شعروا بالصدمة من القرار!) فغير هذا سيستمر القانون يقول الحقيقة الوحيدة التي يعجز عنها الإنسان، تلك الحقيقة التي تصل إلى وعي أجيال من الشعوب تعرف أن العالم يتغير، وأن التغيير الذي يجب أن يكون هو ذلك الذي يعيد الأمور إلى نصابها، بأن الحقوق الشرعية هي جزء من القانون، وأن القانون جزء من الإنسان، وأن الإنسان جزء من ديمومة الحياة، حتى لو بنت عليه إسرائيل جدارها العنصري العازل تحدياً للعالم بأسره.
(لاكروا) الفرنسية
***
الارهاب وفخ التعميم!
على الرغم من أنه يمكن اعتبار أي نقاش بشأن محاربة الإرهاب مؤشرا إيجابيا على اهتمام العالم بهذه القضية بالغة الخطورة فإن الملاحظ للأسف الشديد التركيز على كيفية معالجة هذا التهديد على المدى القصير من خلال إجراءات أمنية تستهدف قيادة شبكات الإرهاب.في الوقت نفسه تركز هذه المناقشات التي تتناول خطر الإرهاب على أهمية القضاء على قادة وزعماء الحركات المتشددة.والواقع أنه من الخطأ تصور إمكانية القضاء على هذا التهديد دون إدراك حقيقة أن سقوط زعيم من زعماء الإرهاب لن يتلوه ظهور زعيم جديد إذا لم نتمكن من دعم أصوات الاعتدال باعتبارها صوت الأغلبية بحيث نتمكن من تجفيف منابع الإرهاب فلا تجد هذه الجماعات الإرهابية أعضاء جددا من الشباب الذين تستهويهم الكلمات الحماسية.
والحقيقة التي يجب أن ندركها جميعا أن الوقوع في فخ التعميم والتعامل مع كل المسلمين على أنهم إرهابيون أو مشروع إرهابيين يزيد تعقيد المشكلة ولا يحلها.
وبالفعل فإن الدكتور عبد الله بدوي رئيس وزراء ماليزيا الذي يعد نموذجا للمسلم المعتدل قال في مؤتمر عن المخاطر الإرهابية إن الإرهاب (عدو مميت للإسلام وليس قريناً له).
وكلما اقتربنا أكثر من العالم الإسلامي وجدنا الكثير من الأصوات المعتدلة التي تعبر عن التيار العام للمسلمين.
فالدكتور إسماعيل فاروقي المفكر الإسلامي الفلسطيني يوضح حقيقة أن الإسلام لم يعط لإنسان حق محاكمة نوايا الآخرين. وأن الله وحده هو صاحب هذا الحق.
ويضيف أن السلام في الإسلام لا يعني تحول غير المسلمين إلى الدين الإسلامي ولكن يعني إقامة علاقات سلمية مع غير المسلمين مع حقهم الكامل في الاحتفاظ بمعتقداتهم لإنه (لا إكراه في الدين).المطلوب إذن من العالم بصفة عامة ومن الغرب بصفة خاصة العمل من أجل دعم هذه الأصوات المعتدلة في العالم الإسلامي لتصل أيضا إلى غير المسلمين بحيث تدرك شعوب العالم أن الدين الإسلامي ليس مرادفا للإرهاب.
فمثل هذه الخطوة يمكن أن تحقق نتائج كبيرة في قطع الطريق على الجماعات الإرهابية التي تستهدف الشباب المسلم الذي يشعر بظلم الغرب له فيسهل تجنيده.
(جابان تايمز) اليابانية
***
قرار تاريخي للفلسطينيين!
بعد شهور من المداولات جاء قرار محكمة العدل الدولية بشأن الدعوى التي أقامها الفلسطينيون ضد الجدار العازل الذي تقيمه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية وفقاً للتوقعات حيث اعتبر الجدار عملا غير مشروع وطالب بإزالته.
ويكتسب هذا القرار الدولي الجديد أهمية أخلاقية وسياسية كبيرة رغم أنه غير ملزم بالفعل.
وفي الوقت نفسه يجب الاعتراف أن قرار المحكمة ليس حكما قضائيا واجب النفاذ ولكنه رأي قانوني يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي الاستناد إليه في معاقبة إسرائيل.في الوقت نفسه فإن قرار المحكمة يمثل رسالة مهمة إلى الرأي العام العالمي تقول له إن إسرائيل تنتهك القوانين الدولية.
ولكن التأثير الفعلي للقرار يتوقف على ما ستقوم به الأمم المتحدة في هذا الشأن.ولكن الوقائع تشير إلى أن الأمم المتحدة قررت ألا تتخذ أي قرارات في هذا النزاع بسبب موقف الولايات المتحدة التي تستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع صدور أي قرار ضد إسرائيل من مجلس الأمن.وقد جاء قرار المحكمة الدولية التاريخي بعد أيام قليلة من حكم المحكمة العليا الإسرائيلية بوقف بناء الجدار في منطقة القدس المحتلة وضرورة تعديل مساره بصورة تقلص تأثيراته السلبية على السكان الفلسطينيين في المنطقة.
الخلاصة إذن أن قرار محكمة العدل الدولية ضد الجدار العازل الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة مجرد ورقة يمكن للفلسطينيين استخدامها في صراعهم ضد الإسرائيليين.
في الوقت نفسه فإنه من الصعب المبالغة في قيمة هذه الورقة حتى لا تفقد قيمتها الحقيقية. فالأمم المتحدة لن تتحرك بسهولة لتفعيل القرار الذي ينطوي نظريا على احتمال فرض عقوبات دولية ضد إسرائيل إذا لم تقم بإزالة هذا الجدار كما يطالب قرار المحكمة.ولكن الواقع يقول ان مثل هذه العقوبات ليس سهلا فرضها من الناحية الواقعية في ظل الرفض الإسرائيلي للقرار من ناحية والتأييد الأمريكي الكامل لإسرائيل من ناحية أخرى.
(آسيا نيوز) الصينية |