* عمان - الجزيرة - خاص:
قال رئيس جامعة جرش د. خالد الكركي، في محاضرة ألقاها في مجمع النقابات المهنية، بدعوة من (اللجنة الثقافية النقابية) بعنوان: خواء الروح.. قراءة في المشهد الإمبراطوري الأمريكي إن الحديث عن (إمبراطورية أمريكية)، ليس بدعة عدائية تجاه الولايات المتحدة، بل هو حديث عن واقع لا يختلف على وجوه وإنما تختلف التقييمات بشأنه.
وأشار الدكتور الكركي، في محاضرته،إلى أن المصطلح بحد ذاته أمريكي المصدر، وان الاختلاف في تقييمه، هو خلاف أمريكي قبل أن يكون عربياً، وأن آراء أمريكية لا يمكن التقليل من أهميتها وحجمها، ترى في الفكرة الامبراطورية شراً على الولايات المتحدة، وخطراً يتهدد وجودها.
وقال الدكتور الكركي، إن الامبراطورية الأمريكية، تواجه خيارين (إما أن تكون آخر الامبراطوريات، أو ان تتربع على رأس القرن الحادي والعشرين)، واضاف قبل ان يستشهد بمقولة ابن خلدون: (الظلم مؤذن بخراب العمران) قائلا: إن (الأمم المظلومة تعود دائماً من جديد).
وناقش سياقاً من الأفكار والمقولات التي تتناول العداء للولايات المتحدة، رافضاً منطلقي الحقد والكراهية، مشيراً إلى ان أهم الدروس التي انطوت عليها تجارب شخصيات عظيمة، ومنها نلسون مانديلا، تقول لكل منا: لا تشبه عدوك، فإن شابهته أصبحت شريكه، وأضاف: اننا نعرف كيف نغضب، ولكننا لا نعرف كيف نمارس تلك الكراهية التي رأيناها في أبو غريب.
واستهجن انجرار المثقفين العرب إلى الانهماك، في مناقشة سؤال 11 أيلول الاتهامي الذي طرحه مثقفون أمريكيون مرتبطون بالمؤسسة الحاكمة والادارة المسيحية - الصهيونية.
ورأى في ذلك أسوأ أنواع المحالفة، التضليل المتعمد، فالسؤال - بالأساس - تسويفي، يقفز عن الاجابة الواضحة، إلى ادعاء البراءة، وقال الدكتور الكركي: (نحن لا نكرههم ولكننا بيننا وبينهم هذا الخراب الذي جاؤوا به..).
استشهد بنصوص لكتَّاب وأدباء أمريكيين وعالميين وعرب، في شرح الأسس التي قامت عليها الثقافة الأمريكية، ورأى أن الأمريكيين، بالتعبير الأبرز عنهم (الدولة الأمريكية) (يواجهون مشكلة مع التاريخ) تظهر في تعاملهم مع الأردن الحضاري والتاريخي، في كل بقعة يتدخلون فيها عسكرياً.
وأكد الدكتور الكركي على ان الجوهر العدواني للفكرة الامبراطورية الأمريكية، ينبع من اصل فكرة انشاء الولايات المتحدة، التي قامت على حروب الابادة، والاستيلاء غير المشروع على الأراضي من الشعوب الأصلية، والدول المجاورة، والاستعباد.
ورفض الدكتور الكركي مقارنة، الامبراطورية الأمريكية بالامبراطورية الرومانية، وإذا كانت هذه المقارنة جائزة، ففي هذه اهانة لروما، فالامبراطورية الرومانية، كانت تبني مدناً، وتقيم عمراناً، أما هؤلاء فهم قتلة، لا يمكن ان يكونوا إلا تتاراً جدداً.
وقال الدكتور الكركي في تناوله للمشهد الامبراطوري الأمريكي: (هذه امبراطورية خاوية، والخواء باللغة... الفراغ والسقوط معاً)!.
وحمل المحاضر على أوروبا، وعلى من يروجون لدور أوروبي عقلاني ونزيه، قائلا بأن أوروبا تعيش أزمة ضمير، وتعيش على النفاق، ورأى أن الموقف الأوروبي الضعيف ازاء الهيمنة والعدوانية الأمريكية، وهو في حقيقته تواطؤ كان سيكون تأييداً صريحاً، لولا الأساليب الفجة والمحرجة التي تنتهجها الادارة الأمريكية.
وقال الدتور الكركي (إن الهيمنة الأمريكية على العالم ليست قدراً.. وإنهم..أي - الامبراطوريين - يستطيعون ذبح البشر، ولكنهم - بكل تأكيد - لا يستطيعون ذبح التاريخ، والغاء الذاكرة.. وانهم يتحدثون عن نهاية التاريخ، وصراع الحضارة، ويريدوننا ان نقتنع بذلك، ليستقر لهم الأمر).
وقال: لقد خسرنا المعركة الاعلامية، ولقد اتضح ان الاعلام بمجمله خاضع للإرادة الامبراطورية، ولكن لدينا معركة وهاجم الدكتور الكركي القنوات الفضائية و(مليشيات المارينز الاعلامية) معتبراً إياها جزءاً من محاولة تدجين الانسان العربي، وجره الى حالات القبول النفسي والثقافي ل(الآخر) العدواني الهمجي، وقال: (لا تستطيع فضائية عربية ان تفتي في أمر ما، إلا إذا أحضرت (الرأي الآخر) وهيأت له منبرها وأدواتها).
وفي ختام المحاضرة، واجه الدكتور الكركي، الذي كان بين جمهوره، وفي المكان الذي يحبه، تعليقات حادة من الأستاذ تيسير نظمي المتابع، الثقافي النشط، وكان أن رفعت هذه التعليقات حرارة النقاش، باندفاع جمهور الدكتور الكركي بالدفاع عنه.
وكان الدكتور الكركي قد حيا النقابات المهنية، في عبارات منتقاة بعناية، وأثنى عليها لدورها النبيل في العملين السياسي والثقافي.
|