رقص الأقحوانة
همَّه.. الماء.. لبنه.. طينه
محمد يحيى القحطاني

عنوان المقال اليوم ليس نسجاً من خيالي ولكنه مقطع أعجبني منذ مدة ليست بالطويلة لأوبريت (كفاح أجيال) للشاعر صالح الشادي في دورة سابقة للجنادرية وغناه مجموعة من الفنانين آنذاك..
من هنا أبدأ
في حفلة الفنان محمد عبده الأولى لمهرجان جده غنى فنان العرب أغنية وطنية تحكي الواقع اليوم كتب كلماتها الشاعر الكبير إبراهيم خفاجي وجعلها أبو عبد الرحمن مفاجأة جدة هذا الموسم وهو الذي اعتاد إطلاق مفاجآته عبر هذا المهرجان خلال السنوات الأخيرة..
وفنان العرب حين أطلق هذه المفاجأة الجميلة وأعقبها بأغنيته الشهيرة (فوق هام السّحب) التي كتب كلماتها المهندس للشعر بدر بن عبد المحسن كان يوصل رسالة ذات معنى رائع ومغزى كبير..
محمد عبده عوَّدنا أن يغني للوطن حباً.. وغزلاً.. وانتماءً..
هو بذلك أكثر فناني العرب والعالم تغنياً بوطنه لم يسبقه إلى ذلك أحد وربما لن يأتي أحد بمثل ما جاء به، وهذا ليس تقليلاً من شأن باقي زملائه ولكنها الحقيقة التي لا ينكرها أحد وهذه المعلومة ليست (مبالغة) أيضاً عودوا بالذاكرة خمسة عشر عاماً حين أزمة الخليج الأولى وتذكروا (كويت ياكويت).. و(نحن الحجاز).. و(أوقدوا النار) وحين تحررت الكويت غنىَّ (باركي ياكويت).. هذه الأغناني جميعها رددناها كثيراً.. ولازلنا!! وأنا هنا أختزل بقدر ما أستطيع تاريخ محمد عبده في الأغنية الوطنية في الأوقات (الحسَّاسة) وما عدا ذلك فكلنا نعرف أنه شارك في جميع أوبريتات الجنادرية حتى فترة (اعتزاله) (المؤقتة) وشارك أيضاً في غالبية المهرجانات بما في ذلك المئوية والعشرينية ومناسبات كثيرة جداً..
ما أعجبني في الأمر كله هو تفاعل الجماهير غير المستغرب مع هذه الإطلالة الوطنية وهو يبدأ حفلته بها بل أجزم أنه كان متعطشاً لها..
خلال الأيام الماضية فتح لنا باب الأغنية الوطنية على مصراعيه واليوم (فتح) أيضاً محمد عبده الباب (كعادته) لباقي زملائه الفنانين فأعقبه محمد عمر وراشد الفارس وخالد عبد الرحمن وغيرهم وسيحدث هذا (حتماً) في مهرجان أبها الشهر القادم..
ما هذا يارابح؟!
دُهشت ومعي كثر من التصريح الذي أدلى به رابح صقر وأذاعه التلفزيون السعودي الأسبوع الفارط بعد أن انتهى من وصلته الغنائية في جدة (الحضور الجماهيري كان متواضعاً) فحين سأله المذيع عن حفلاته القادمة قال إن له عدة حفلات في عواصم عربية وأوروبية وقدَّم دعوة مفتوحة للجماهير بالحضور إلى هناك على الرغم من أن البرنامج وضعه التلفزيون السعودي على خارطة لدعم السياحة الداخلية.. كيف حدث هذا... سؤال بريء!!
لحظات مع الأقحوانة..
فاق عطركِ أيتها (الأقحوانة) بعد الرحيل... فانشلَّت جميع أوردة القلوب حزناً (لرحيلك) وغداً الكلُّ يبحث عنكِ لتعيدي لحياته نبضها وعنفوانها..إنها الذكرى التي تبقى رحيقكِ بعد الرحيل الذي (يُحيل) الذكريات الأليمة إلى شيء من السعادة..