** لَكَمْ تأثرت وأنا أستمع إلى هذه القصيدة يؤديها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وكنت لحظتها استمعت إلى خبر أوردته إذاعة الرياض عن استشهاد أحد رجال الأمن وهو يدافع عن دينه ووطنه الأغلى في إحدى البطولات الأمنية..!
إنَّ هذا الشهيد وأمثاله هم: أبناء وأحفاد من بنوا وحدة هذا الوطن وأسسوه على عقيدة ثابتة، رحم الله شهداء هذا الوطن، سابقهم ولاحقهم..!
والسؤال..!
ما هو دورنا كمواطنين في تكريمهم، سواء كانوا شهداء أو مصابين؟
أليس لهم حق علينا كمواطنين وهم الذين ضحوا بأرواحهم دفاعاً عن دينهم وعن وطنهم وعن أهلهم في مواجهات تلك الفئات المجرمة التي لم ترع إلاً ولا ذمة، ولا طفلاً ولا شيخاً ولا امرأة..؟!
إنَّ لهم كامل الحق علينا، فهل نضنُّ عليهم بالغالي، وقد أعطونا الأغلى؟
إنَّ رجال الأعمال مسؤولون، بل مطالبون في (مبادرات وطنية) بتكريم هؤلاء الشهداء والمصابين، وإعانة أسرهم..!
إنَّ مثل هذا التكريم له بُعْدٌ أكبر من البُعد المادي، بل إن دلالاته المعنوية أعظم، وذلك عندما تشعر أسر هؤلاء الشهداء، ويشعر هؤلاء المصابون أن أبناء وطنهم وقفوا معهم وقدموا لهم شارة الوفاء والعرفان لتضحياتهم، مع أنه مهما كان التكريم - وربِّ كاتب هذه السطور - فإنه لا يعادل قطرة دم شهيد أو مصاب سقطت نقية طاهرة على ثرى هذا الوطن من أجل الحفاظ على أمنه وإيمانه ووحدته وابتسامات أطفاله -حفظه الله وحفظهم-..!
وإني لأستشرف أن يقتدي القادرون من رجال أعمال والشركات والبنوك بما قدمته - شركة عقار القابضة - كما قرأت في الصحف في تصريح جميل لرئيس مجلس إدارتها أ. زيد الشريف، حيث أوضح أن الشركة جعلت باسم (أوقاف الموحد) لهؤلاء الشهداء، وتبرعت بمبالغ مادية كبيرة لهذا المشروع الخيري؛ ليكون لهم ولأسرهم نصيب دائم من دخله وأرباحه، وإني هنا لأثمن وأقدر مبادرة هذه الشركة الوطنية، لما قدمته لهؤلاء الشهداء..!
لكن لا نريد أن يكون هذا التكريم هو تكريم اليتيم.. نريد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات والبنوك أن يقتدوا بهذا العمل المبارك الذي يجسد الوفاء، ويسهم في تكريم من ضحوا بأرواحهم من أجل هذا الوطن، وحسب الموسرين أن يشعروا أنه لولا مظلة الأمن ولولا أمثال هؤلاء الشرفاء الشهداء لما عملوا ونجحوا وأثروا.
أليس حق هؤلاء علينا، كما وفوا لنا، أن نفي لهم مادياً ومعنوياً؟
إنني استشرف من أبناء هذا الوطن وبخاصة القادرين منهم مبادرات تكريمية مادية ومعنوية تُقدم لأسر هؤلاء الشهداء - رحمهم الله - وتُقدم للمصابين الأعزاء.
لقد طوقنا هؤلاء الشهداء والمصابون بأيادي المعروف، فهل نرد عليهم بعض جميل فضلهم وبعض دَيْنِهم علينا وعلى وطننا..؟!
أخيراً
وأنا أهمُّ بإرسال هذا الموضوع (للصحيفة)، قرأت عن بادرة سموّ أمير منطقة عسير ونائبه ورجال الأعمال بعسير، بإنشاء صندوق لأسر الشهداء، جمعوا له تبرعات كبيرة في أول دعوة لإنشائه، ولابد من باقة تقدير على هذه اللمسة الوفائية (العسيرية)، وأتطلع أن يبادر بقية رجال الأعمال بمناطق المملكة لإنشاء مثل هذا الصندوق، الذي يرعى أسر أغلى الناس، شهداء ومصابين.
حمى اللهُ هذا الوطن ورحم شهداءه، وعافى مصابيه.
إلى متى يستمر
اعتقال بسمات الأطفال..؟!
** قبل أكثر من خمس سنوات كتبت عن موضة (منع الأطفال من الفرح)، وسرقة الابتسامة من شفاههم وقلوبهم، بنص القرار الجائر الذي يحظر حضورهم أفراح وأعراس النساء، حيث تجيء البطاقة مذيلة بعبارة كالحة (يمنع اصطحاب الأطفال).
هذه العبارة التي تعتقل فرحة هؤلاء الأبرياء، الذين يُفترض أن يعبّوا من جداول الفرح قبل أن يواجهوا قساوة الحياة ومراراتها، وقبل أن تسرق هموم الكبار أطياف السرور من وديان نفوسهم قهراً..!
***
** والآن..!
زاد الأمر سوءاً وبشاعة في محاصرة أفراح الأطفال..!
فها هي بطاقات الدعوة للرجال أضحت هذه العبارة الكريهة تذيل بها كأقسى رصاصة تقتل الفرح بين أهدابهم.
لقد حاصرنا هؤلاء الصغار، فالفرح محظور عليهم في أفراح النساء، والابتسامة ممنوعة عليهم في أعراس الرجال..!
لا أملك إلا أن أهدي إلى هؤلاء الذين تضايقهم وتضايقهن هذه الابتسامات الصغيرة البريئة هذه الأبيات المؤثرة، من قصيدة رائعة، لعلها من أجمل ما قيل في الحنان على الأطفال والرفق بهم للشاعر الكبير بدوي الجبل:-
((ويا ربِّ من أجل الطفولة وحدها
أفض بركات السلم شرقاً ومغرباً
وصُن ضحكة الأطفال يا رب إنها
إذا غردت في موحش الرمل أعشبا
ويا ربِّ حبّب كل طفل فلا يرى
وإن لجّ في الإعنات وجهاً مقطِّبا
وهيىء له في كل قلب صبابة
وفي كل لُقيا مرحباً ثم مرحباً))
آمين
***
** والسؤال أخيراً:
هل نستمر -رجالاً ونساءً- في إيقاف تدفق ضحكات الأطفال وسعادتهم، في مثل هذه السن التي هم أحوج ما يكونون فيها إلى التهام كعكة الفرح، قبل أن تدركهم هموم الحياة ومسؤولياتها، فتلتهم أفراحهم، وتخطف ضحكاتهم؟
أما قبل:
فعندما يحضر الأطفال الفرح يحضر الفرح، وعندما يغيبون يغيب كل سرور، رضي مَنْ رضي، وغضب مَنْ غضب..!