Friday 16th July,200411614العددالجمعة 28 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

نقاط فوق الحروف نقاط فوق الحروف
أمانة الكلم
فهد بن إبراهيم الجمعان (*)

قال بعض العارفين من السلف أسكتتني كلمة ابن مسعود عشرين سنة عندما قال من كان كلامه لا يوافق عمله فإنما يوبخ نفسه وان الناظر في مستجدات العصر وتداعياته بعين بصيرة يستغرب الزخم الإعلامي الهائل القائم بصورة أساسية على الكلام فها هي الحوارات والنقاشات والتحليلات يتصدر لها من هو أهل ومن هو غير ذلك.. يتحدثون في أمور غير معروف مدة إلمامهم بها فأصبح التراشق بالكلمات هو سمتها على مرأى من الناس.
وأصبحت أمور الدين موضعاً للحوار والنقاش يتصدر لها فئة ممن يعلم ومن مدعي العلم لا يترددون في الإجابة عن أي مسألة صغرت أم كبرت خوفاً أن يقول لا أدري، وقد نسوا ما جاء في حجة الوداع حين قال الرسول صلى الله عليه وسلم للناس أي يوم هذا؟
فقالوا الله ورسوله أعلم، ولم يقل أحد إنه يوم النحر وهو معلوم عندهم بالضرورة، ولكن رد العلم إلى أهله كان سمة عندهم لا يتكلمون في مسألة وهم يرون من هو أعلم منهم وهو أحق بالكلام، وحدِّث ولا حرج عن قصص يعج بها التاريخ الإسلامي في هذا المجال من البعد عن الفتوى والوقوف عند حدود الله في الكلام.
وقد ابتلينا في وقتنا الحاضر ببرامج النقاش حيث تولت طرح مسائل العلم العضال يدخل في حواراتها وتؤصل مسائل العلم وترجح وتضعف وتستفتي من خلال المشاركات التي تؤيد هذا القول وتخالف هذا القول من غير خوفٍ من الله ولا علم في هذا.
وكل ذلك تحت غطاء الدين مفهوم وهو ليس حكراً على أحد من الناس والقرآن ميسر للذكر والفهم.
وهم والله لو فهموا القرآن حق فهمه لما تفوهوا بهذا القول ولو وعى أحدهم قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ حينما قال (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) لعرف أن تيسير الدين والقرآن، ليس بالتخبط في مسائله والخوض فيها بغير علم، لكن نخشى من تضييع الأمانة في هذا الجانب وحكم الهوى وحب الظهور والشهرة وهي والله مهلكة لصاحبها.
أما آن لهؤلاء ان تسكتهم كلمات ابن مسعود رضي الله عنه.
نحن في عصر كثر فيه الكلام إلى حد الإغراق وقلَّ فيه العمل إلا من شاء الله.. إن أمة هذا حالها حري بها ان تنهض وتنفض عنها الغبار وان تتطلع لمستقبلها بعين الجد وبعين ناقد بصير.
ولا تكن كحاطب الليل ولن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أمر أولها.

(*) الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved