Thursday 15th July,200411613العددالخميس 27 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

صغيراتنا (تنوء) كواهلهن بأكداس العلم! صغيراتنا (تنوء) كواهلهن بأكداس العلم!
روَيْدكِ يا طيف.. فالتدريس ليس مهنة متاعب !!

كتبت الأخت طيف أحمد في عدد الجزيرة 11437 وتاريخ 29 من ذي القعدة 1424هـ موضوعاً بعنوان (حققت حلمك العذب فاهطلي علماً وثقافة) تحدثت فيه عن التدريس وشحذت همم بنات جنسها من المعلمات وقدمت لهن بعض النصائح التي تُشكر عليها.. ولكن مما قالته الأخت طيف (الكل يجزم ويؤكد أن تلك المهنة مهنة المتاعب منذ الأزل وليس في زماننا هذا..) وهي تقصد مهنة التعليم.. وبصراحة لا أدري أي مهنة متاعب تقصد الأخت طيف؟ إلا اذا كانت تقصد التلقين والحشو والحفظ هو مهنة المتاعب.. أم أنها تقصد نظام (ردُّوا وراي) أو التكرار الممل هو مهنة المتاعب.. أم يا ترى تقصد المهنة التي تقوم على أساس (شدوا حيلكم يا بنات ويا أولاد) الامتحانات على الأبواب.. أم تراها تعني فتح صفحات الكتاب ووضعه على الطاولة ونقل معلوماته كما هي للطلاب والطالبات دون إبداع أو استنتاج أو تطوير أو شرح واف أو تبسيط لبعض المفاهيم.. أم أن الأخت طيف كانت تعني الكتابة على السبورة والنقل المباشر منها كيفما اتفق.. أم كانت تعني (حلو الواجب يا بنات حتى ولو كان بمساعدة الخادمة..؟ كل هذا للأسف الشديد يحصل في مدارسنا ومع بناتنا وأولادنا.. جمود في التدريس، وجمود في المعلومات, وجمود في طرق التدريس وكيفية ايصال المعلومة، والمعلومات التي يدرسها ابناؤنا هي هي لم تتغير منذ خمسين سنة.. أيُعقل هذا؟! المعلم للأسف يستقي معلوماته من الكتاب المقرر فقط دون تطوير أو تجديد أو اتجاه للقراءة الحرة التي توسع مداركه وتثري ثقافته الشخصية والتي سوف تنعكس بالتالي على طبيعة عمله ومهنته الإنسانية وتجعله يوصل ما يريد بطرق سهلة وميسرة وعديدة بدلاً من طريقة التلقين التي عفى عليها الزمن.. أختي طيف: المناهج محشوة بكلام غث وسمين، بكلام ذي فائدة، وآخرعديم الفائدة تماماً.. خليط عجيب، أحياناً تجد ثلاث مواد في مادة واحدة.. المعلم بارع فقط في التذمر والشكوى الدائمة من نصابه من الحصص وكأنه حُمِّل جبال رضوى أو طويق، ولا يعرف أنه طالما اختار هذا المجال بمحض إرادته فلابد أن يعمل ولابد أن يعرف بأن هذه مسؤولية وأمانة هو مسؤول عنها يوم القيامة..
من جانب آخر الطالب يشتكي طول المناهج، والحشو غير المفيد، كذلك يشتكي الطالب من طرق التدريس وبأنها أصبحت قديمة وعقيمة، ويريد شيئاً يبعد عنه الملل والكسل والخمول ويحببه في المدرسة والمدرسة حتى الآن لا تعرف الطريق إلى ذلك.
المعلم أو المعلمة كل منهما يرمي مسؤولياته التي يفترض أن يقوم هو بها على الأسرة كاملة.. وكان الله في عون الطالب أو الطالبة الذي أمه وأبوه أو كلاهما لا يجيدان القراءة والكتابة.. بصراحة لا أدري أين يذهب ذلك المسكين؟ أيضاً عندما تفتح أحد الكتب وأخص الرياضيات فإنك تجد ان المعلم أو المعلمة قد وضعا علامة (صح) على بعض المسائل وهي خاطئة 100% وللأسف تكرر هذا الأمر معي كثيراً، وكنت أحسب ذلك في المرة الأولى والثانية حدث سهواً ولكن عرفت بعد ذلك بأن المعلم والمعلمة يريدان أن ينتهيا بسرعة وأن العجلة في عملهما هي سيدة الموقف.. وهذه مصيبة لا يعرفها الا ولي الأمر، فلو كانت مثلاً مسألة خاطئة وكتبت بجانبها اشارة (صح) مع عبارة ممتاز أو ممتازة أشكرك.. بالله عليكم كيف بعدها تستطيع أن تقنع ابنتك أو ابنك الصغير بأن هذه العبارة خاطئة، خصوصاً وأن التأييد قد جاء من قدوته الذي هو المعلم أو المعلمة..هذا جانب، أما الجانب الآخر والمهم جداً فلن أقول شبه انعدام العملية التربوية بل سأقول وبكل ثقة: انعدام تام للعملية التربوية.. فنحن لا تهمنا نفسية الطالب أو وضعه المعنوي أو مشاكله الأسرية أو الاقتصادية أو حتى الشخصية ولا يهمنا قلقه وتوتره واضطرابه وخوفه.. ولا يهمنا تسربه الدراسي أو تكيفه وتأقلمه سواء مع معلميه أو زملائه أو مدرسته وادارتها, وغير ذلك من الأمور المعنوية والنفسية المهمة في حياة الطالب التعليمية.. بل أن ما يهمنا فقط هو (صم المنهج) ف(ما دامك) ستفعل ذلك ثم تأتي يوم الامتحان وتفرغه في ورقة الاجابة فأنت طالب ممتاز وما عدا ذلك لا نريد منك شيئاً حتى وإن نسيت كل ما تعلمته بعد خروجك من قاعة الامتحان مباشرة.. أختي الفاضلة طيف: لا أدري بصراحة هل تعرفين أو تشعرين بما نعانيه نحن أولياء الأمور أيام الامتحانات عندما نراجع الدروس مع أبنائنا وبناتنا ؟؟ أصدقك القول أختي الفاضلة بأننا نعاني الأمرَّين مع معظم المواد ونشعر بأن مخ الطالب (أبيض) ليس لديه أية معلومات ولا يتذكر شيئا مما تعلمه، فتخيلي أن تبدأي مع هذا الطالب من الصفر قبل الامتحان بقليل!! سأترك لك وللقراء الأعزاء تصور ذلك التعب وتلك المعاناة وخصوصاً إذا كان لديك أكثر من طالب في وقت واحد.. اعتماد المعلمين حتى الآن على أسلوبي التلقين والحفظ اضافة إلى طول مناهجنا الدراسية وانعدام أسلوب التربية وعدم اهتمامنا بالطالب كإنسان في المقام الأول ناهيك عن الشكوى والتذمر المستمر من المعلم وعدم رضاه هو شخصياً عن العملية التعليمية برمتها؛ مما يجعله متوتراً ومضطرباً، وغير مرتاح نفسياً في كثير من الأحيان، وكل همه الأول والأخير كيف ينهي المنهج بأسرع وقت ممكن بغض النظر فهم الطالب أو لم يفهم ؟ حتى يرتاح في نهاية الفصل ويحقق في الوقت نفسه للمسؤول مبتغاه.. كل هذا وغيره أختي الكريمة جعل العملية التعليمية لدينا مكانك سر وفي خبر كان، أو ربما هي حتى الآن مبتدأ وليس له خبر على الاطلاق.. وأخيراً.. لا أملك إلا أن أقول: كان الله في عون أبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات؛ فقد تكالبت عليهم الظروف من كل جانب بدءاً بمعلم ملقِّن ، ونهاية بمباني سيئة وأثاث قد عفى عليه الزمن ودورات مياه تفوح منها رائحة العفن، وبرادات تعشعش فوقها العنكبوت ويحوم حولها الذباب، ووسائل نقل تتسع لخمسين تلميذاً أو تلميذة تنوء بحمل ضعفي أو ثلاثة أضعاف هذا العدد، وفوضى في الخروج وتدافع يذهب ضحيته الأطفال دون حسيب أو رقيب، فالمعلم أو المعلمة يرى بأن دوره ينتهي بانتهاء آخر ثانية من الحصة الأخيرة، وبعدها فليحدث للطالب أو الطالبة ما يحدث فهو غير مسؤول البتة بل ربما أنه قد وصل إلى منزله مع أول تلميذ خرج وربما قبله..أخيراً هناك سؤال يبرز لأعزائي القراء: يا ترى من منكم قام يوماً عنوة أو عن طريق الصدفة بوزن حقيبة ابنته الصغيرة بما تحتويه من كتب وأدوات أخرى.. وهل رأيتم كم هي مسكينة تلك التلميذة الصغيرة وهي تحمل على كاهلها كل ذلك الوزن وخصوصاً إذا كانت تذهب من البيت إلى المدرسة سيراً على الأقدام والعكس صحيح.. وكأني بها تقول: العلم أثقل كاهلي!لكل هذا ربما أقول: بأن هذه المهنة هي مهنة المتاعب فعلاً ولكنها للطالب فقط دون أي شخص آخر!!

عبدالرحمن عقيل المساوي
الرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved