*القاهرة - مكتب الجزيرة - عبدالله الحصري:
يعد قرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية الجدار الاسرائيلي العازل حكما تاريخيا وانتصارا كبيرا للقضية الفلسطينية وبقدر ما آثار القرار رفضا واستنكارا اسرائيليا وارتياحا وقبولا كبيرا لدى الجانب العربي الا انه يلقي بالكرة في الملعب العربي من ناحية الخطوات والتحركات التي يتعين علينا اتخاذها لمتابعة تنفيذ هذا القرار وخاصة في الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي واستثمار الموقف الاوربي وباقي الدول الصديقة الاخرى التي عبرت عن مواقف اكثر تقدما من السابق بعد قرار المحكمة الاخير كما يعطي القرار اهمية كبيرة لمواصلة العمل الفلسطيني والعربي الشعبي والرسمي على كافة الاصعدة وفي جميع المحافل الدولية حيث تتحمل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن المسؤولية الأولى، لتنفيذ قرار المحكمة التزاماً منهما بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، اللذين يعتبران الأراضي الفلسطينية أراضي محتلة تنطبق عليها اتفاقية جنيف لعام 1949، وأن اسرائيل هي القوة المحتلة التي لا يجوز لها خرق القانون الدولي ، أو الاستمرار في تحديها لإرادة المجتمع الدولي بأسره مستفيدة من الغطاء والدعم الأمريكي غير الشرعي والذي يتعارض مع روح ونصوص القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
تفعيل مقاطعة اسرائيل
قرار المحكمة يتطلب قيام الدول العربية بتفعيل مقاطعة اسرائيل ، وفرض عقوبات عليها حتى تمتثل لإرادة المحكمة، وتخضع للقانون الدولي سواء فيما يتعلق بوقف بناء جدار الفصل العنصري وهدم ما تم بناؤه حتى الآن وتعويض الفلسطينيين عن الأضرار الناجمة عن بناء الجدار عملاً وتطبيقاً لقرار المحكمة ، أو فيما يتعلق بوقف ممارساتها وانتهكاتها لحقوق الفلسطينيين الأخرى ، ووقف انتهاكاتها لقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني. وكعادة إسرائيل بعدم التزامها بأي قرارات دولية تجاهها، سارع شارون بإصدار أوامره بمواصلة بناء الجدار العنصري متجاهلا قرار (لاهاي)، لأنه يدرك تماما أن أمريكا بجانبه وبالتالي فلن تجرؤ أي جهة دولية أو غيرها تطبيق عقوبات عليها إلا من خلال الأمم المتحدة التي تملك أمريكا زمامها، عبر الفيتو الجاهز دوما لصالح ربيبتها إسرائيل التي تعتمد حاليا على الفيتو الأمريكي إذا أحيل الموضوع الى المنظمة الدولية، حيث قال السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، داني جيلرمان - بكل بجاحة- (إنه في حالة طرح الموضوع على مجلس الأمن لمناقشته ستستخدم الولايات المتحدة حق النقض الفيتو). بل ان رئيس الوزراء الاسرائيلي، استغل عملية التفجير التي وقعت، في محطة لنقل الركاب في مدينة تل ابيب، لشن هجوم شديد اللهجة على محكمة العدل الدولية في لاهاي، واتهامها (برعاية قتل الاسرائيليين)!!.وقال إن (حكم المحكمة منحاز وذو دوافع سياسية)، وأضاف متبجحا (إن اسرائيل ترفض تماما حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي!!.) كما اصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا رفضت فيه قرار المحكمة الدولية واعتبرته خطوة سياسية احادية الجانب ومرفوضة ، كما شن وزير القضاء الإسرائيلي، يوسف لبيد، هجوما على المحكمة وقال إن إسرائيل لن تلتزم بهذا القرار. وفى تعليقه على القرار ألمح الامين العام للامم المتحدة، كوفي عنان الى ضرورة قبول إسرائيل للقرار واستطرد في الوقت الذي نقبل فيه أن الحكومة الاسرائيلية من مهامها ومسؤوليتها حماية مواطنيها إلا أن أي اجراء تتخذه يجب أن يتماشى مع القانون الدولي ويجب أن يحترم مصالح الفلسطينيين وإسرائيل كسلطة احتلال ولكنه أضاف يجب أن يرفع التقرير للجمعية العامة ولا أريد أن أصدر حكما مسبقا بشأن ما ستقرره. ومن جهته دعا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الولايات المتحدة الأمريكية، الى وقف دعمها المادي لإسرائيل الذي من شأنه المساهمة في الإبقاء على الجدار، وعدم إعاقة أو إحباط أي جهود دولية يتم اتخاذها تماثلاً مع قرار المحكمة الأممية المذكور. وعبر المركز في بيان له، عن ارتياحه لقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بعدم قانونية الجدار الذي تواصل إسرائيل بناءه في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ودعا المركز المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل بما يتلاءم والقرار، واتخاذ إجراءات عملية فورية لإعادة الاعتبار للقانون الدولي الإنساني وإجبار إسرائيل المحتلة على احترامه من خلال وقف أعمال البناء في الجدار وتدمير المقاطع المنجزة منه في داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس. كما دعا المركز الفلسطيني الأمم المتحدة، خصوصاً مجلس الأمن والجمعية العامة، الى اتخاذ إجراءات عملية في مواجهة التحدي السافر من جانب إسرائيل لقواعد القانون الدولي، ووضع حد للتعامل معها كدولة فوق القانون. ووجه أيضا دعوة للأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة للوفاء بالتزاماتها القانونية من خلال اتخاذ إجراءات لضمان احترام إسرائيل للاتفاقية. الزام اسرائيل ولكن هل يمكن إلزام إسرائيل بتطبيق القرار؟ والإجابة عن هذا السؤال تتضح من عدد القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة ومختلف المحافل الدولية.. ففي يونيو 1967 (قرار 242) و قرار التقسيم رقم 181 عام 1947..و قرار العودة رقم 194.. والصادر عام 1949... و القراران 3089 و 3236, المتعلقان بحقوق الشعب الفلسطينى والقراران 2649 و 2672 حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه.. إلى قرارات 338و 605 و 607 و 608.. إلى آخر القرارات الأممية واتفاقية جنيف ومعاهدة لاهاي..فهل هناك قوة في الأرض قانونية أو سياسية أو سواها استطاعت إلزام إسرائيل بتنفيذ أي من هذه القرارات, او الالتزام ببنود الاتفاقات التي تحمي المدنيين الفلسطينيين العزل الواقعين تحت احتلالها, والآن تقول محكمة العدل الدولية.
إن العقوبات مفصلة للعرب والمسلمين فقط.. وموازين القوى في وضعها الراهن, دولياً وإقليمياً وفي مجلس الأمن لا تسمح بالضغط إلا على الفلسطينيين وانتفاضتهم وفصائلهم المناضلة وعلى سوريا والعراق وغيرها..
|