منظمة (رابطة الرهبان لتنصير الشعوب) أسسها البابا بيوس بين عامي 1566-1572م، وهي منظمة منبثقة عن (رابطة الرهبان) وتحاول منذ إنشائها نشر المعتقدات النصرانية حول العالم، وهي اليوم قد جندت جيشاً يضم أكثر من مليون شخص للحد من انتشار الإسلام، يقودهم الكاردينال (كريشينسيو زيبه) يصف هذا الجيش بأنهم قواته الذين يعملون في الميدان لصد الناس عن الإسلام، وأوردت صحيفة (فليت إم زونتاج) الألمانية أرقاماً عن هذه المنظمة تؤكد أنها موجودة في 40% من العالم النصراني، وتعترف بها1081 أسقفية من ضمنها المسماة (مناطق الصمت) وهي كل مناطق العالم التي تمنع نشاط الكنيسة الكاثوليكية ومن بينها الصين والسعودية وفيتنام واليمن وكمبوديا.
تضم رابطة الرهبان جيشاً قوامه 85 ألف قسيس و 450 الف جمعية دينية، و 42 ألف مدرسة، و 1600 مستشفى، و6 آلاف مؤسسة مساعدة، و12 ألف مؤسسة اجتماعية وخيرية حول العالم.
أما عن تمويل هذا الجهاز العملاق فإن الكاردينال زيبه يرفض ذكر الرقم الصحيح لميزانيته المالية، ويؤكد دائماً أنه يحتاج الكثير من المال، الرقم الوحيد المؤكد يظهر في يوم الإرسالية (يوم الأحد) قبل الأخير من شهر أكتوبر حيث تصل تكلفة الإرسالية عالمياً إلى 200 مليون دولار لنشاط زيبه، ويسمح للنفقات أن يصل إجمالها إلى ما يزيد على 500 مليون دولار وذلك لنشر العقيدة النصرانية ومواجهة (الديانات العدوانية).
هذه واحدة فقط من المؤسسات (الخيرية) الغربية التي تعمل بنشاط في المجال الديني، وتتلقى من أجله تبرعات، وتسير من أجله الجيوش البشرية لتجوب المعمورة طمعاً في تحقيق أهدافها، وهناك المئات من المؤسسات الأخرى في الولايات المتحدة وبريطانيا تعمل بحرية، وتتدخل في كل مجالات الحياة، حتى السياسية منها، بل إن بعض هذه المؤسسات الخيرية الغربية لها ثقل سياسي وأثر كبير في صناعة القرار السياسي والانتخابي في الولايات المتحدة نفسها، مثل منظمات (جيري فولويل) الذي يعد أبرز قادة الحركة الصهونية المسيحية الأصولية تأييداً ودعماً لإسرائيل في الساحة السياسية الأمريكية.
برز (فولويل) من خلال منظماته غير الربحية كقوة سياسية منذ منتصف السبعينيات الميلادية حينما دعم ترشيح جيمي كارتر لرئاسة الولايات المتحدة حيث سخر إمكاناته الكنيسية والإعلامية لدعم هذا الترشيح عام 1976م، ثم امتد نشاطه (الخيري) ليشمل تأسيس هيئات أكاديمية ومعاهد لاهوتية، ومدارس ابتدائية وثانوية دينية، ومطبوعات ومؤسسات إعلامية، يدار معظمها من الحركة المسيحية الأصولية ذات الاتجاهات الصهيونية.
أمثال جيري فولويل شخصيات كثيرة ومؤسسات شبيهة، لها تأثير كبير على الرأي العام في أمريكا والغرب كله، تتدخل في أكبر القضايا وأصغرها مما هو غير داخل في طبيعة عملها.
المفارقة الكبيرة هي أن تحظى مثل هذه المؤسسات الخيرية بالدعم السياسي من الحكومات الغربية إلى درجة إعادة صياغة وتطويع بعض القوانين المحلية أو الفيدرالية بما يخدم توجه هذه المؤسسات ويدفعها إلى المزيد من الإنفاق على الجمعيات الخيرية، وإعفائهم من الضرائب وتوفير الكثير من التسهيلات التي تخدم برامجهم ومناشطهم، وفي المقابل تواجه المؤسسات الخيرية في العالم الإسلامي - والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص - حملة سياسية وإعلامية بتهمة أنها قنوات لتغذية الإرهاب والتطرف. ومن الحق أن نقول إن هناك أخطاء قد تحدث في عمل هذه المؤسسات وهي أخطاء تحدث حتى في أشد الأجهزة الاستخباراتية حذراً وأكثرها قدرة على التدريب والحيطة، لكن هذه الأخطاء لابد أن تبقى ضمن دائرة الأخطاء البشرية المألوفة التي ليس من الموضوعية ولا من العقل استغراب حصولها، وذلك كله ليس مسوغاً على الإطلاق لإغلاقها أو اتهامها بالإسهام في جلب الضرر للإنسانية.
فلماذا الكليل بمكيالين تجاه المؤسسات الخيرية في الغرب ونظيراتها في العالم الإسلامي؟
هي - بلا شك- الحرب ضد الإسلام الذي يسعى لها ويؤجج نارها جيري فولويل والكاردينال زيبه وأمثالهما في كل دائرة سياسية ودينية وإعلامية في الغرب، وقد جاء تقرير مؤسسة (راند) الأمريكية الذي كتبته الدكتورة شيريل بينارد بعنوان: (الإسلام المدني الديمقراطي.. الشركاء والمصادر الاستراتجيات) مفصلاً في استراتيجية الحرب على الإسلام وشعوب العالم الإسلامي، وهي خطة عمل جعلت القضاء على المؤسسات الخيرية الإسلامية أو التقليل من أثرها جزءاً من هذه الخطة.
فهل نتابع ونقرأ ونفهم ونعمل؟!
|