كثر اللّجاج، وزاد الصخب، وعلت حدة المناقشة، ليس لأمر ذي بال، لكن الفراغ قد يولّد أحاديث فارغة.
لم تتمالك نفسها لما سمعت تلك المهاترات التافهة، والمهازل المفككة فرأت أن تنجو منهم بأي طريقة كانت فانطلقت من بهو المنزل مسرعة تتراقص نسيمات قلبها إلى من تنتظر لقاه.
دخلت غرفتها... رشقت الماء بوجهها وباقي أجزاء جسدها، ثم اقشعر جلدها بهمهمات خرجت من لسانها.. حينها لفلفت بدنها بلفاف ساتر... كبّرت بعده، وفي لحظة هدوء سمعت نفسها تناجي ربها في سجودها، تدعو، تلحّ، تبكي، تتوسل، تشكو إلى الذي برأها ما يجيش في صدرها من هم وغم، وحزن وكدر قيّدها عن الأمان الذي تبحث عنه.
أشركت إسلامها معها ودعت لأهله بالأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان.
أحسّت بسكينة عجيبة لم تعهدها من قبل، وهدوء فيّاض قد فارقها منذ زمن.
فحاورت نفسها المسكينة أن أين أنت من هذه الراحة، تلك السكينة، هاتيك الطمأنينة، بدل هموم قاتلة، وعيشة بالية، وحياة فانية؟؟!!!
لكن حبيبتها النفس لم تترك لها مجالاً لمحاورتها وعاهدتها ألا تنقطع عن ذلة السجود، ولذة المناجاة لخالقها ما حييت.
|