أعجبتني مدينة الفلوجة وأعجبني أهلها الصامدون مما جعلني أقف إكباراً وإجلالاً لهذه المدينة الصامدة وأهلها الذين صمدوا أمام أكبر قوة على وجه الأرض تمتلك أحدث الطائرات والدبابات والصواريخ والقنابل الفتاكة أذكر على سبيل المثال أنهم في حرب الخليج الثانية 1991م قد استخدموا قنابل تحملها طائرات C130 وهي تلقى من هذه الطائرات بواسطة مظلات تكون في مؤخرة الطائرة تشبه المظلات التي في مؤخرة الطائرة التي تحمل الصواريخ الفضائية لتقليل سرعتها العالية عند الهبوط كمركبة دسكفري وشلنجر وغيرها فعندما تنفتح المظلة في مؤخرة الطائرة تكون هذه المظلة متصلة بالقنبلة فتسحبها إلى الخلف وتلقي بها على الهدف المنشود وعندما استخدمت هذه القنابل في حرب الخليج الثانية كانت البوارج الحربية وحاملات الطائرات المتواجدة في الخليج العربي قبالة السواحل العراقية من أمريكية وبريطانية عندما استخدمت هذه القنابل كما ذكرت سابقاً أحدثت ارتجاجاً في قاع الخليج العربي فأيقن البريطانيون أن الأمريكيين قد استخدموا القنبلة الذرية من هول الصدمة وشدة الانفجار التي أحدثته هذه القنابل التي ذكر أحد الخبراء أن تأثير مثل هذه القنابل عند استخدامها في دائرة قطرها خمسة كيلومترات سيكون تأثيرها مدمراً سواء للإنسان أو الحيوان أو النبات فتأثيرها على الإنسان الذي يكون في محيط هذه الدائرة إن كتبت له النجاة فسيكون أصماً أبكماً طيلة حياته، وأما النبات فلن يكون له أثر على الإطلاق، أما ما كان في محيط دائرة قطرها كيلان، فالموت لا محالة إذ أنها تحترق الأرض بعمق خمسة أمتار, هذه نماذج من بعض هذه الأسلحة الموجودة لدى القوات المحتلة، فبرغم امتلاك المحتل لأسلحة فتاكة مثل هذه الأسلحة المدمرة فلم يستطيعوا اقتحام مدينة الفلوجة مما اضطرهم إلى إبرام الصلح معهم ومثل الفلوجة ميناء أم قصر رغم صغره وقلة المدافعين عنه فلم يسقط إلا بعد سقوط بغداد ومثل الفلوجة وأم قصر كانت مدينة جنين الباسلة قبل سنتين من معركة الفلوجة أذاقت الصهاينة الدروس التي لن ينسوها إلى أن يغادروا فلسطين بإذن الله ويتركوها لأهلها كما غادرها قبلهم الأفرنجة بعد معركة حطين على يد البطل العظيم صلاح الدين الأيوبي سنة 583هـ مثل الفلوجة وأم قصر وجنين هناك مدينة خالدة لايفوتني بهذه العجالة إلا أن أذكرها وهي مدينة بور سعيد المصرية التي صمدت أمام العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م حيث غزتها ثلاث دول وهي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل فصمدت ونالت شرف الصمود والمقاومة مثل هذه المدن الصامدة الباسلة الخالدة نذكر مدينة غزة التي صمدت أمام آلة الحرب الصهيونية والتي تمنى أحد قادتهم (شيمون بيريز) أن ينهض من نومه ويراها وقد ابتلعها البحر.
أخي الكريم : إن وطننا العربي مليء بمثل هذه المدن الباسلة التي وقف التاريخ عند كل واحدة منها ثم بدأ مرة أخرى ولهذه المدن أسوة حسنة يبدر الكبرى ومعركتها بقيادة سيدنا وإمامنا وملهمنا ورسولنا الكريم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام الذي علم الإنسانية كي يصنع النصر رغم القلة ورغم تفوق العدو، فالمسلمون في معركة بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً والمشركون يقدرون بأكثر من ألف رجل ورغم ذلك انتصر المسلمون عليهم بالإيمان والعزيمة الصادقة، وأهلنا في هذه المدن التي ذكرناها آنفاً لابد أن استلهموا الصمود والنصر من سيد البشر وهذه المدن الخالدة من الفلوجة إلى جنين وحطين وبورسعيد وغزة لابد أن تعلمت الصمود من موقعة بدر والخندق بقيادة الهادي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام الذي علمنا دوماً أن الحق هو المنتصر وأن الباطل محكوم عليه بالفشل طال الزمن أم قصر.. {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
أعود وأمد يدي إلى جميع الشرفاء والمناضلين من أهل الفلوجة وغيرها من المدن العربية الباسلة التي قاومت الاحتلال وركبت صهوة جواد العزة والكرامة ونبذت مركب الذل والإهانة وزهدت بالحياة الزائلة ولذاتها طالبة الجنة وحدائقها الوارفة والدائمة وأنهارها الجارية التي وعد الله بها عباده المخلصين المجاهدين الصابرين الذين قال الله لهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
|