الشباب طاقة وحيوية وفاعلية ونشاط، وقوة الأمم والمجتمعات تقاس بفاعلية وحيوية هؤلاء الشباب، فان استثمرت الأمة طاقة وحماس شبابها قطفت نتاج ذلك ونهضت ووقفت على أقدامها وقوفاً راسخاً شامخاً وشيدت بناءً حضارياً سامياً متماسكاً لا تزعزعه العواصف ولا تحركه وتهزه الزوابع.
أما إن همشت الأمة شريحة الشباب وأهملتها ولم تحاول توظيفها واستثمارها فان هذه الطاقة الكامنة داخل الشباب تتفجر داخل بناء المجتمع وتحطم فاعلية وقوة وكيان الأمة فتهشم جدرانها وتشغلها بنفسها وتشل نشاطها وحركتها.
الشباب قوة (فاعلة) ترفض ولا تقبل ان تكون (ساكنة، كامنة) والحد من هذه الطاقة يولّد التشكي والانفجار، فلا بد من التفاعل بحنكة وحكمة وبإشراف مستديم مستمر مع هذه الشريحة لأنك أمام عقلية صغيرة مراهقة وأمام عاطفة متأججة.. فإن حاصرتها من جهة نفّس لها من الجهة الأخرى، إن أغلقت في وجهها باباً افتح لها أكثر من باب.. والمراكز الصيفية بديل من البدائل الجادة الناجعة لاحتواء واستثمار أوقات شبابنا.. وتنفس هادف وباب خيّر لا تأتينا منه ريح عاصف وإنما تأتينا منه ريح طيبة يعم خيرها وينتشر فضلها في سائر مجتمعنا المسلم.
المراكز الصيفية ساحة خير وميدان تربية وتنشئة وعطاء، المراكز الصيفية صناعة للرجال دورة مكثّفة لتنمية النفس وتحريك المواهب واكتشاف الطاقات.. المركز الصيفي مؤسسة خيرية تثقيفية توعوية تنويرية جادة هادفة تضع أقدام النشء على الطريق وترقى بفكرهم وتهذّب نفوسهم وتنميها وتغذي عقولهم وتوسع مداركهم وذلك بالبرنامج المتنوع الفاعل والطرح الجاد الهادف وأيضا بالنخبة من المحتسبين الذين هدفهم الخير والصلاح وان يؤسسوا جيلاً نافعاً صالحاً واعياً يخدم دينه وينفع أمته ولا يكون عالة وهمّاً وحملاً ثقيلاً على مجتمعه.
المراكز الصيفية عبارة عن مؤسسات تعليمية مصغرة بعد ان أغلقت المدرسة أبوابها تعود المراكز لتقدم نفسها لأبنائنا الطلاب بثوب جديد وعرض متنوع وطرح شيّق ومحبب للنفوس يشد الطلاب ويجذبهم ويكون بديلا هادفا لكسبهم واحتوائهم وتغطية فراغهم وتوظيفه التوظيف الناجح السليم، والأهم من ذلك حمايتهم والحفاظ عليهم من البرامج الساقطة والمسابقات الفضائية المخلة ومن التسكع في الشوارع وجلسات المقاهي وكذلك من السفر إلى بلدان غير مستقرة وغير آمنة.
في هذا العصر السريع والذي أصبح دورنا فيه دور التلقي وأصبحنا نحرص الحرص الشديد على ان نحافظ على مسلماتنا وثوابتنا وعلى قيمنا وكذلك على هذا الفكر الغض الطري على هؤلاء الصغار بان نضع لهم المؤسسات الخيرة التي تحتويهم وتكون لهم المخرج من هذا الزحام الشديد الذي غابت فيه القيم واختلطت فيه المفاهيم وتوالت فيه الضربات الموجعة على عقيدة الأمة وقدراتها ودينها وثقافتها وعلى أغلى ما تدّخر وهم عصب حياتها وعمادها (الشباب) فهذه المراكز وهذه المهرجانات النافعة هي بعون الله البديل الناجع والمخرج المفيد والنافع الذي ينمّي قدرات شبابنا ويغذّي مواهبهم وأفكارهم ويعدهم لخدمة دينهم ووطنهم وأمتهم.
أسطري الأخيرة
- النقد الهادف فكرة راقية وطريقة متحضرة يزيد لبنة في مشروع البناء ويروم صدعا ويسدّ خللا في بناية الأمة الشامخة، بينما النقد غير الموضوعي معول هدم وآلة قمع لا نجني منها سوى التخلخل والتفكك وان يحرف طريقنا ويغير مسارنا من ثقافة البناء إلى ثقافة الخلاف.
- لا بد من وعي الحدث والتأني في تفسيره ومناقشته (فليس الشديد بالصرعة لكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.. فالتفسير الخاطئ للحدث قد يؤججه ويخدمه ولا يحدّ منه، فمطالبة بعض الكتّاب بإغلاق المراكز الصيفية بحجة تغذيتها للإرهاب هذا يخدم الحدث لأن شبابنا عندما لا تحتضنهم مؤسسات ومراكز خيرة تستثمر وقت فراغهم وتوجههم التوجيه السليم فإنهم سيكونون عرضة للتضليل والانحراف وكذلك ثغرة ونقطة ضعف يشق من خلالها صفنا ويخترق جمعنا ويزعزع أمننا وسيكونون لقمة سائغة لكل مفسد ومخرب.
|