ثلاثة أشخاص فقط يستطيعون إدارة وتوجيه الإعلام ، وتمثيل الرأي العام والتأثير على قرارات كثيرة من المسؤولين وموجهي الرأي والكتاب.
مكتب صغير وطاولة واشتراك إنترنت وفاكس وخطة واضحة ، هذا كل ما يحتاجه هؤلاء من عدة وأدوات لإدارة الإعلام في البلد.
أتذكر قبل سنوات قليلة كتبت مقالاً بسيطاً وساخراً بعنوان (يا خالة) لا علاقة له بالدين أو السياسة أو المجتمع. كان هدفي المتعة والتسلية كما أفعل في بعض الأحيان ، عندما يمضُّنا الجد ونحتاج إلى قليل من الراحة ، عَقَدَ المقال مقارنة بصورة ساخرة بين المرأة القديمة والمرأة الجديدة ، واعتبرت أن لقب يا خالة رمز للمرأة القديمة والأهم أنه تضمن اسم مونيكا لوينسكي ، بعد عدة أيام انقلب كيان الأمة ، أو هكذا ظننا ، بدأت أولاً التلفونات الموبِّخة تأتي في كل الأوقات ، وبدأ سنترال الجزيرة يحوِّل مكالمات لنائب رئيس التحرير تحتج وتستنكر هذا المقال العاهر ، (هذا الكلام قبل خالد المالك بسنة تقريباً) ثم بدأت موجة الفاكسات. في البداية لم نأخذ الموضوع بجد ولكن بعد عدة أيام بدأت موجة الفاكسات تتصاعد حتى بلغت حوالي أربعمائة فاكس ، شعرنا بالارتباك ، فالمجتمع كله يتصدى لنا ، لأن تلك الفاكسات لا تأتي من الرياض فقط وانما من أكثر من مدينة وهجرة وقرية ، الشيء الذي أثارنا أنها بدأت تصبح مملة ، لفت هذا نظرنا بقوة ، وقررنا قراءتها بطريقة منظمة ومدروسة ، وبعد القراءة الأولى لم نحتج إلى إعادة قراءتها مرة أخرى ، اكتشفنا حقيقة واحدة أن كاتبها الأصلي شخص واحد أو فريق مكون من اثنين أو ثلاثة بينهم تنسيق واضح ودقيق ، فالأسلوب واحد تقريباً أو متفق عليه ، وتوقيت الجهات واحد ، وأقصد بذلك أن الفاكسات التي تأتي من قرى أو مدن متقاربة جغرافياً تأتي في يوم واحد ثم بعد يومين تنهد علينا فاكسات من قرى أخرى متقاربة جغرافياً ، هذا يعني أن هناك شخصاً واحداً يدور على القرى والهجر يرسل الفاكسات لإيهامنا بأن الأمة كلها محتجة ، وقد أكد لنا ذلك أن الفكرة ثابتة فيها كلها لا اختلاف ولا تباين ، كلها تقوم على مديح جريدة الجزيرة وأنها أعظم وأروع جريدة مع المطالبة بطرد هذا الكاتب الذي يسيء للجريدة فوراً ، ثم تبع هذه الفاكسات اتصالات على جوالي فاضطررت الى اغلاقه يومين او ثلاثة من الطفش ، كل الاتصالات كانت تقدم نفس النصائح وتهرق نفس الشتائم.
هذا ما يحدث الآن ولكن بإضافة عاملين جديدين هما رسائل الجوال والإنترنت ، فهؤلاء الأشخاص الثلاثة أو الأربعة يملكون أربع وسائل يستطيعون من خلالها التأثير القوي على القرارات ، تناسخ المقالات وإرسالها للجريدة بتعديلات بسيطة كأنها كتبت بأقلام مختلفة ، إرسال رسائل جوال إلى المسؤولين والكتاب بشكل متلاحق ومن جولات مختلفة ، يتبع ذلك سيل من الفاكسات الاحتجاجية ثم الكتابة في الإنترنت ، ولأن الإنترنت تتمتع بمساحة حرية أوسع نلاحظ أنها ترفع عنهم غلالة الدين التي يتستر بعضهم خلفها ، فتنفضح مشاعرهم اليمينية المتطرفة فتسيل من أفواههم عنصريتهم واقليميتهم.
الذي يظن أن هذا العمل الإعلامي المنظم لا تأثير له مخطئ ، مهما كانت التحصينات ضده إلا أنه سيؤثر على قرارات أصحاب الشأن ، ويغير من رأي الكتاب ومسؤولي التحرير ويمكن أن يتدخل ويغير في آخر لحظة قرار وزارة بأكملها ، العمل السري المنظم المثابر يحقق أهدافه.
فاكس 4702164
|