Wednesday 14th July,200411612العددالاربعاء 26 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

بلا تردد بلا تردد
الرواية
هدى بنت فهد المعجل

تباينت الآراء حول الرواية, ووجه التمييز بينها وبين القصة القصيرة من حيث التعريف والسمات والبنية الأساسية لهما.. فمن قائل أن الرواية ذات بنية مركبة أصولها تعود إلى التاريخ والأسفار والرحلات, وأنها عالم متلاطم الأمواج لا يرتبط بلحظة أو موقف, تتسع لمختلف الموضوعات التي قد تقضي نوعاً من التشابك والتعقيد.. وتتناول التجارب العظيمة, وتستوعب أنماطاً مختلفة من التجارب الوحدانية والعقلية، كما أشار إلى ذلك كتاب (فن الرواية في الأدب العربي السعودي المعاصر) للدكتور محمد صالح الشنطي.. وذكر أن العديد من الكتّاب تناولوا مقومات الفن الروائي بكثير من الدقة والشمول منهم (إدوين موير) في كتابه (بناء الرواية) وهنري جيمس في (فن الرواية) وروبرت ليدل في (بحث في بحث فن الرواية) ويرسي لبوك في (صنعة الرواية) وكولن ولسون في (فن الرواية) وغيرهم ممن منحوا الرواية شيئاً من جهدهم, والكثير من بحثهم, دافعهم نحو إقدامهم ترسيخ أهمية الرواية ودورها كجنس أدبي يوثق مرحلة ويستعيد أحداثاً كائنة في الماضي تنجز عبر التخييل, حيث لم تعد الرواية حدوتة ولا توثيقاً فجّاً وتقليداً للوقائع والأحداث, وليست منشغلة بشكل نرجسي كتلك الروايات المعتمدة اعتماداً بحتاً على سيرة السارد الشخصية يرويها لنا كما تروى الحكايا فيما مضى ويوثق مرحلة في حياته فقط فلا تفتح عند القارئ إحساس المعاناة أو التفكير العميق كما أشارت د.لمياء باعشن في رأيها حيال روايات (قماشه العليان) وحيال مجاييلها - في نظري - ولهم العذر لأن رواياتهم أتت في زمن الشح الروائي, والنسائي بالذات, فاستقبل المتلقي رواياتهم بهالة من الثناء والتصفيق.. وبتحول السرد في الروايات العربية تحولت الرؤى وارتقت الذائقة بعد انفتاح الرواية العربية على الرواية الغربية كانفتاحها على لغة الحوار والتشكيل والموضوع.. ونأخذ رواية (الطبل الصفيح) لغونتر غراس كنموذج حيث توجت بجائزة نوبل في العام 1999م فهي الأكثر شهرة في ألمانيا.. كتبت بعد الحرب العالمية الثانية وأثارت جدل الأوساط الثقافية والسياسية والاجتماعية.. وصفت بأنها رواية منذرة جدية عميقة الدلائل ذكية في تناولها للموضوعات ولاذعة في سخريتها وأجمل ما قيل فيها (إنها اعتمدت في بعض تقنياتها على أسلوب السرد العربي القديم)، وهي شهادة تحرض الروائي العربي للاشتغال على روايته ونبذ الاستعجال على صدورها فلا يصبح همه الشاغل كم أفرزت سنوات عمره من رواية وإهمال الهم الأكبر (ما القيمة الجمالية والفنية والثقافية التي اشتملت عليها روايته).
فرواية (أنثى تشطر القبيلة) لإبراهيم شحبي أغراني عنوانها وصدمتني الرواية.. كذلك رواية (تضاريس الوجع) لإبراهيم بن منصور التركي إذا تجاوزنا تدني مستوى السرد فهي قفر من إحساس المعاناة وتحوي مغالطات طبية, فزوجة محمد الغربية أخبرته وهي في الخارج بأن ولادتها قد تكون بعد خمسة وعشرين يوماً تقريباً بحسب تقرير الطبيب (أي أنها على مشارف الشهر التاسع أو دخلته) وقد هددته زوجته بإجهاض الجنين ما لم تتلق منه رداً خلال أربعة أيام.. وفعلاً ورد في الرواية في رسالتها له (قمت بإجهاض ما في بطني) كيف؟؟ لم أستوعب!! إجهاض أم إزهاق روح؟؟!! وفي حديث مونولوجي لمحمد جاء فيه (لقد خنقت جاكلين أبوتي وسفحت بعض لحمي في دورة مياه مستشفى!! إجهاض!! الإجهاض يا جاكلين..) أي دورة مياه والطبيب قرر قرب موعد الولادة!!
بيد أن الإنتاج الضعيف من الروايات لا يقلل من شأن روايات تقدمت كنص تاريخي وثقافي وسياسي تحرض على التفكير العميق وتفتح لدينا إحساس المعاناة، فعبده خال ونوره الغامدي وليلى الجهني ويوسف المحيميد روائيون حرضوا وسيحرضون ويشتغلون على رواياتهم كاشتغال الروائي العراقي (علي بدر) على روايته الصادرة مؤخراً (بابا سارتر) فقبل إصداره لها قرأ أرشيفاً كاملاً فيما يتعلق بمنهج فكرة روايته ذكر ذلك في لقاء أجري معه في جريدة الرياض, فقد نقب الصحف والمجلات العربية عن كل ما ترجمه المثقفون.. كذلك درس البيئة العراقية في الستينيات.. درس المقاهي والمكتبات والشوارع والمطاعم والأسواق والسينما والنوادي والملاهي والعمران بشكل عام.. درس حياة الكتاب وسيرهم الذاتية وعلاقاتهم وهمومهم.. ثم قدم روايته.
ويرى (علي بدر) أن الرواية تقول ما لا يقوله التاريخ.. لأن التاريخ غير معني بهذه الطبقة السفلية من المجتمع ولا همومه.. ورأيه رد على من ينفي أهمية الرواية, ويدّعي تفاهتها وأنها لا فائدة ترجى من قراءتها.
إضاءة
جاء في رأي د.شكري عياد أن فنان الرواية فيه الباحث الاجتماعي أو المؤرخ أو عالم النفس.

فاكس : 8435344 - 03


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved