تتوالى التهديدات على السودان وتبدو كما لو أنها تحشره في زاوية ضيقة، مع التركيز على مطالبته بنزع سلاح المليشيات وإلا فإن عليه مواجهة العقوبات، وذلك رغم أن ذات هذه الأطراف ومنها بشكل خاص الولايات المتحدة، وقفت على الأوضاع الميدانية في السودان خلال زيارة وزير خارجيتها الذي خلص إلى أنه لا يوجد دليل لما يسمى التطهير العرقي، وهو قد جاء أصلاً مدفوعاً بشائعات عن أن دارفور توشك أن تكون رواندا أخرى، أي أرض لواحدة من أفظع جرائم التطهير العرقي في العالم التي حدثت قبل عقد من الزمان.
كل هؤلاء الذين أتوا إلى السودان من الأمم المتحدة إلى ألمانيا إلى غيرها وقفوا على إمكانيات دولة عربية إفريقية تفتقر لبعض المقومات يمكن أن تعين على البسط الكامل للأمن والتعامل السريع مع الاحتياجات الإنسانية، ومع ذلك فإن الضغوط تتكالب على السودان.
وقد كان من الطبيعي أن يهرع الأشقاء في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى مد يد العون للسودان وتنبيه المجتمع الدولي إلى أهمية تقدير الظروف التي يعايشها، فمجلس التعاون الخليجي رحب بالجهود التي تبذلها الحكومة لتطبيع الأوضاع في دارفور وفق الخطوات التي تم الاتفاق عليها بين الأمم المتحدة والخرطوم إبان زيارة أمين عام المنظمة الدولية للسودان في وقت سابق من الشهر الجاري..
وتشمل تلك الخطوات بشكل خاص فترة زمنية تمتد لثلاثة أشهر تعمل الحكومة السودانية خلالها على توصيل المساعدات وترتيب الأوضاع الإنسانية ونزع أسلحة المليشيات المسؤولة عن ارتكاب الفظائع. وبينما تتحدث تلك الإجراءات عن فترة زمنية تمتد لشهور فإن واشنطن تتحدث عن مجرد أيام باقية أمام الخرطوم لنزع سلاح المليشيات رغم إدراكها الظروف الصعبة في إقليم دارفور ذي الطبيعة الصحراوية، في بعض أجزائه، والذي تماثل مساحته مساحة دولة مثل فرنسا.
وبالنسبة للجامعة العربية فإنها دعت مجلس الأمن إلى (تقديم كل الدعم لتنفيذ اتفاق الحكومة السودانية مع الأمم المتحدة وإتاحة الفرصة كاملة لتنفيذ ذلك الاتفاق في فترته الزمنية المحددة، كما طالبت بعدم التعجل في إصدار أي قرار يتعارض مع ذلك الاتفاق والجهود الجارية التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي في دارفور.
وأمام المجتمع الدولي فرصة للخروج من هذه الأزمة إذا أحسن التعامل مع أطرافها بحيث يتخلى عن سياسة لي الأذرع من أجل الحصول على نتائج فورية وبطريقة سريعة دون تقدير لأبعاد المشكلة وظروف المكان، وربما من أجل الحصول على مكاسب أو قصة نجاح ما تفيد في الحملات الانتخابية.
|