Tuesday 13th July,200411611العددالثلاثاء 25 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "القوى العاملة"

مذكرات متقاعد (12-20) مذكرات متقاعد (12-20)
يكتبها الأستاذ إبراهيم بن عبدالله الشريف(*)

شاءت إرادة الله أن أسافر لمكة المكرمة تبعاً لوظيفتي في وكالة الأمن العام للمباحث والجوازات والجنسية عندما صدر تعييني مع ثلة من الرفاق ممن تقدموا لطلب التوظيف، وكنت أنا الوحيد الذي تخلفت عنهم لعدم صدور قرار أو أمر رسمي بتعييني، وبعد ستة أشهر، استدعيت حيث سبق أن قُبلت طلباتنا كملازمين (لسنا عسكريين) ولكن نلازم حتى يحين شاغر، وكان التعيين آنذاك من مجلس الوزراء الموقر، وذات يوم تبلّغت ببرقية تطلب توجهي لاستلام العمل حيث صدر الأمر بتعييني، واستلفت مبلغاً من المال لشراء تذكرة الطيارة وسافرت إلى مكة المكرمة، وكان وصولي جدة صباحاً فركبت سيارة باص إلى مكة وهناك ذهبت للإدارة واستلمت حقوقي وبدأت العمل، وكان زملائي الأربعة يقطنون بيتاً كبيراً في العتيبية ورحبوا بي للانضمام معهم، واحفظ لهم كل الود والشوق ولا أعرف مصيرهم عدا شخص واحد ويجدر بي في هذا المقام ان آتي على ذكرهم لعلهم يذكروني وهم السادة: عبدالعزيز الدويش، عبدالعزيز الصفيان، عبدالله الفواز، وعبدالرحمن الزامل، وأدعو لمن رحل بالرحمة والغفران، ولمن هو حي بطول العمر والتواصل معي.
المهم استلمت عملي أمين عهد، وحديث على العمل ولا أعرف عنه شيئاً، وكان رئيس المحاسبة آنذاك (عبدالوهاب المغربي) والمحاسب (إبراهيم بوقري) خير مساعد وساعداني في تفهم العمل والقيام به على الوجه الأكمل، وكنا نقضي الأيام بعفوية وطيب معشر ورضى، ولا تخلو أيامنا من بعض المواقف المؤثرة، والمواقف الأخرى المحببة للنفس.. فإذا دنت ليلة الجمعة مثلاً ذهبنا لقهوة عثمان في مدخل مكة من جهة الطائف وتسامرنا وعدنا في الباصات، وكان الأجر يومذاك للراكب من قهوة عثمان إلى العتيبية 4 قروش لا غير!
وفي صباح الجمعة ننهض باكرين فأحدنا يأخذ الفوطة إلى الخباز لجلب التميس مع الفول، وآخر يجهز الشاي والثالث، يكوي الملابس، وكنا طبعاً لا نلبس (غترة ولا طاقية) بل ثوباً فقط، ونذهب سوية إلى الحرم لأداء صلاة الجمعة، وكان سوق الليل أشهر أسواق مكة ولا تجد الأشياء الأصيلة إلا فيه، وبه من اخوتنا البخارية ممن يتفرغون لبيع الطواقي المحبوكة باليد وبعض الأشياء الثمينة، وكنت إذا أردت أن أشتري شيئاً لأهلي أذهب لهذا السوق وأشتري منه ما شئت، وكان لنا زميل يسكن في بيت آخر لكنه يزورنا من الحين للآخر وكان إذا فرغ من كي ثوبه يقف الثوب كأنه لوح من جمال الكي وذوق صاحبه، وكنا نتسابق لأن يكسب كلٌّ منا وده ليكوي له ثوباً يستمر في لبسه أسبوعاً دون أن تذهب آثار الكي أو أن يصبح (معفولاً) وقد تعلم بعضنا طريقة كي الملابس منه وكان أغلى قماش مر معنا هو أبوغزالين لمن يحب الأصفر وفخر الموجود لمن يحب الأبيض.

(*) الرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved