رغم اعترافنا جميعا بدنو مجلس الشورى الموقر من هموم المواطنين في الفترة الاخيرة ، ورغم ان هذا المجلس قد كسر الحاجز الروتيني كأي جهاز رسمي ، وذلك بإفراغ جزء من قلق المواطن بدءا بارتفاع الاسعار ومشاكل بعض الادارات والمرافق العامة ، الى مشاكل الاسرة والانتاج ، الا ان من الواضح ان فتح هذه الهمزة للوصل بيننا وبين القيادة ، جعل الكثير منا يعلق آمال الوطن كلها على ذمة هذه القناة الرسمية . واذا ما قسنا حجم انجازات المجلس لوجدنا ان معظمها يتعلق بالتصويت الذي يمثله افراده ، ومن ثم ترفع الى مصادرها العليا اذا ما تم الاتفاق عليها لتصبح قرارا معينا يلزم بالتنفيذ . السؤال هنا ، اذا حّمل هذا المجلس أكبر من طاقته واستيعابه من بعض الأمور التي
تناقش ، والتي لا نظن ان جميعها جدير بفكرة الطرح في الاساس ، فما الذي على هذا المجلس ان يتفرغ له اذا اخذنا في الاعتبار انه ، وقياسا بما هو متداول ، يبدو المنفذ الصريح لولوج طموحات المواطنين من بوابته ، والتي تأمل انفراجا وملامسة للواقع ؟
الغريب ان يتجاوز المواطن حدود هذا المجلس في ما يتعلق بأمنياته من خلال تعليقها على عاتق الشورى وحدها ، في الوقت الذي يدرك هذا المواطن مسبقا الصيغة الانتقائية التي تتم بها عملية الطرح او البحث داخل المجلس ، فما رأيكم بمن يطالب ايضا بأن يناقش المجلس قضايا الارهاب والمناهج وعقدتنا التي لم تحل
مع شركة الاتصالات وجنون اسعار الكهرباء والبنزين وارتفاع نسب الطلاق ووضع الارامل وكوابيس الرسوم المتزايدة ؟
ندرك جميعا ان القائمة طويلة ومملة ، لكن الفضول يدفعنا لأن نسأل مجلس الشورى قبل ان نسأل انفسنا : هل يستوعب كل هذا الهدير لإيقاع الحياة المؤرق ، من قلق المعيشة وخوف التكدس والبطالة ، الى اعظم واخطر مشكلة تمر بتاريخنا ، أعني بهاالارهاب مثلا ؟ وهل هذا المقياس عشوائي او مدروس ليبدو المنظر الجدلي العام حول انجازات الشورى ومطالباتنا المستمرة كمن تعلق بشعرة من الأمل ، تمنى الا تنقطع من كثرة التشبث بها ؟
يقول لنا الواقع ، الذي يفترض ان يكون مجلس الشورى احد اطرافه ، انه ذو مسؤولية مقننة ذات حدود ، وان امكاناته ايضا مؤطرة بالمعقول ، وان قنوات رسمية اخرى يجب ان تفتح اذرعها لا ستقبال هموم المواطن مباشرة ، وعلى الأقل تخصيص الهموم وتوجيهها الى جهاتها المعنية ، كبطاقة الاحوال ورسوم التأشيرات ، وهروب العمالة .. الى آخر ذيول القوائم التي تحتاج الى ترشيد هي الأخرى .
|