من الأمور التي يدرك أهميتها القليل من التجار الناجحين: التخطيط للإعلان التجاري عن منتجاتهم كأحد أهم عناصر المزيج الترويحي. والمقصود بالتخطيط الدراسة العلمية المركّزة لحملة إعلانية مستمرة على مدى دورة حياة السلعة، وهذه الدراسة تقوم على التحليل الدقيق للموقف الذي يعني (جمع وترتيب المعلومات الصحيحة الخاصة بالمؤسسة أو المجموعة التجارية عن وضعها المالي والإداري بالإضافة إلى دراسة للسلع المنافسة ووضع السوق الراهن وأهداف الحملة الإعلانية.. إلخ) كقاعدة بيانات أولى ينبني عليها تخطيط الحملة، وبعد تحليل الموقف السابق تتم دراسة مستفيضة للجمهور المستهدف والسلعة أو السلع المراد ترويجها وعلى ضوء ما سبق يتم اختيار الوسائل المناسبة والرسائل الإعلانية الفعالة وتحديد الجدولة الزمنية للتنفيذ والميزانية التقديرية للمصروفات على الإعلان وهي باختصار أهم خطوات التخطيط العلمي للحملة الإعلانية الناجحة على مدى عام أو نحوه بإذن الله. (تُقدم كدراسة) أما ما يحدث عند كثيرٍ من المعلنين وخاصة من صغار التجار أو متوسطيهم فهي لا تتجاوز حدود الاستشارة لبعض وكالات الإعلان التجاري المتواضعة التي في حقيقة الأمر مختصة بتصاميم الإعلان وعدا ذلك اجتهادات تفتقد للدراسات، وغالباً ما يتدخل المعلن (التاجر) بشكلٍ كبير في كثيرٍ من الأمور الخاصة بالإعلان وهي خبرة ليست بقليلة ولكن ليست كل شيء.
ويزيد من استمرار هذه الظاهرة - عن الإعلان التجاري - لدى بعض المستثمرين عندما يقيس نجاح إعلانه بزيادة المبيعات فقط، ولكن التخطيط للحملة الإعلانية الناجحة التي تقوم على أسس علمية تحقق أهدافاً أبعد من الزيادة المباشرة في حجم المبيعات التي ما تلبث قليلاً حتى تنطفئ. ويبقى الآن السؤال ماذا يمكن أن تحقق الحملة الإعلانية الناجحة المخطط لها.
فنقول بالإضافة إلى زيادة المبيعات بشكلٍ كبير ومستمر، أولاً: ترشيد الانفاق على الإعلان التجاري، ثانياً: الوصول في الوقت المناسب للجمهور المناسب، ثالثاً: إكساب جمهور آخر المعلومات المهمة عن السلعة الذي يتوقع أن يكون مستهلكاً في وقت لاحق. رابعاً: تعريف نوعية من الجمهور عن فائدة وكيفية استخدام السلعة. خامساً: تعريف جمهور آخر بمنافذ توزيع السلعة.. إلخ، وهي أمثلة فقط لاستراتيجيات عديدة لتحقيق أهداف الحملة الإعلامية المحددة سلفاً التي تفيد المستثمر أكثر من غيرها.
ويبقى قبل ذلك وبعد المعاملة الصادقة مع الجمهور المستهلك للسلعة والاهتمام بالمجتمع ذي العلاقة بالمؤسسة وبمصلحته ما أمكن فيما يسمى بالعلاقات العامة بمفهومها الحديث (ثاني عناصر المزيج الترويجي) وهي ما تؤمن بأهميته المؤسسات التجارية وكذلك المؤسسات الحكومية غير الربحية خاصة في كثيرٍ من الدول الغربية وذلك بعد دراسات مستفيضة في هذا المجال منذ بداياتها في أوائل القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية حتى انتشرت في كثيرٍ من الدول المتقدمة إلى وقتنا الحاضر.
ومن مفاخر ديننا الحنيف أنه حث على الصدق وطيب المعاملة وعدم الغش والاهتمام بمصالح الغير.. إلخ بما هو أبلغ وأفصح وأقدم من أي حضارة كانت فيما يتعلق بالمعاملات والبيوع والتجارة بشكل عام في الكتاب الكريم والسنّة المطهّرة, ونعلم جيداً أن الإسلام دخل إلى أقطار كثيرة بفضل الله ثم حسن المعاملات التجارية التي أخذت شكلاً دعوياً مباركاً. وما عند الله خير وأبقى.. والله أعلم.
( * ) متخصص في تخطيط الحملات الإعلانية والعلاقات العامة
|