إضافة إلى ما سبق أن كتبته في العدد (11564) تعقيباً على الأستاذ التويجري فإنني أرى أن يتم إنشاء (هيئة عليا لتطوير منطقة القصيم) تكون برئاسة سمو أمير المنطقة وعضوية رؤساء الدوائر الحكومية بها (شرط أن لا تزيد من الروتين والبيروقراطية) وعدد من رجال الأعمال المتحمسين لتطوير المنطقة وأن يكون رجال الأعمال (صندوق لتطوير المنطقة) يؤخذ له من كل مشروع أو عقد بالمنطقة بنسبة معينة.. كما تضم الهيئة عدداً من أصحاب الخبرة والرأي من أهل المنطقة وخارجها.. كما أنه من الضروري أن تضم في عضويتها عدداً من الوزراء ذوي الوزارات الفاعلة كعضوية وزير المالية ووزير الشؤون البلدية والقروية ووزير المواصلات ووزير التخطيط.. ولابد أن يصدر لهذه الهيئة نظام معين وأن يكون لها ميزانيتها المستقلة وأرى أن من أهداف هذه الهيئة في حال قيامها:
1 - التنسيق مع الوزارات المعنية لحاجة المنطقة من المشاريع ذات الأهمية الاقتصادية للمنطقة وخصوصاً مشاريع البنية التحتية كتطوير مطار القصيم الإقليمي.. ومشاريع الطرق.. ومشاريع تطوير خدمات البلديات كرفع فئات بعض بلديات المنطقة ودعم ميزانياتها بعد دراسات دقيقة للاحتياجات حيث إن بلديات المنطقة تعاني من نقص شديد في الإمكانات المالية التي تقصر عن الأعباء المتزايدة.. كما أنه من الضروري دعم مشاريع الصرف الصحي والمياه حيث إنه مع أن المنطقة تسبح على بحر من المياه في شرقها إلا أن غربها يعيش على الدرع العربي ويعطش ويظمأ ولا أحد يلتفت إليه.. إضافة إلى الكثير من احتياجات المنطقة التي يجب دراستها عن طريق فريق من المختصين من هذه الهيئة ووضعها ضمن خطة علمية مدروسة.
2 - دراسة التطوير الاقتصادي والتجاري والعمراني لمراكز مدن المنطقة مثل مركز مدينة بريدة (عاصمة المنطقة) الذي هو المركز الرئيسي التجاري بالمنطقة حيث يقصده معظم أهالي المنطقة وهو مركز قديم (قبة رشيد والجردة) ولازال على محلاته المكونة من الصفيح والشينكو.. ويشهد زحاماً تسوقياً وزحاماً مروريا أشد ولابد من تكوين شركة عقارية من رجال الأعمال بالمنطقة لتطوير مثل هذا المركز وغيره من مراكز مدن المنطقة.. وأن تقوم مثل هذه الشركة العقارية بفتح المساهمة لأصحاب المحلات القديمة وتعويضهم عنها بمحلات جديدة بعد إعادة إعمار مركز المدينة ووضع عمائر تجارية ضخمة تستوعب الحركة التجارية الهائلة في مثل هذا الموقع حيث إنه في حالة وجود مثل هذه العمائر التجارية (لنفرض 5 أدوار) فتستوعب 5 أضعاف الحركة التجارية الحالية.. وستفتح مجالا للاستثمار التجاري الناجح ومجالاً لتوظيف أبناء الوطن .. إن الهيئة الموعودة هي من سيعلق الجرس ومن سيدعم رجال الأعمال لمثل هذه المشاريع عن طريق منح تسهيلات تنظيمية لهم.. حيث إنهم في الغالب يصطدمون بعوائق نظامية حرفية لا يستطيعون منها فكاكاً وتخفق جميع مشاريعهم وتطلعاتهم.. ولن ينجح أي مشروع استثماري إلا في حالة إبعاد (شبح الروتين عنه).
أتمنى أن تقوم هذه الشركات العقارية في كل مدينة من مدن المنطقة بريدة، عنيزة، الرس، البكيرية، البدائع، الخبراء، رياض الخبراء، الأسياح، الهلالية.. وغيرها من المدن التي هي بحاجة فعلاً إلى التطوير.. مثل هذه الشركات العقارية ستوجد حتماً مجالاً للاستثمار لأبناء المنطقة مجالاً مفيداً.. بدلاً من الاستثمار اللامفيد لاقتصاد المنطقة .. حيث إن الاستثمار الوحيد المتاح هو الاستثمار في مجال الأراضي البيضاء.. وهذا الاستثمار لا يعود بفائدة على الاقتصاد.. بل هو تجميد للأموال دون أي ناتج.
3 - أن تكون هذه الهيئة بمثابة جهة استشارية للجهات الحكومية كالبلديات التي هي بحاجة فعلاً إلى دراسات استشارية لتطوير أدائها ومشاريعها الاستشارية والتطويرية.. وغالباً ما توكل أعمال الدراسات الاستشارية إلى مكاتب استشارية من خارج المنطقة يكون أداؤها هزيلاً ولا يمكن تنفيذه.. إن مثل هذه الهيئة يجب أن تتولى إعداد المخططات الهيكلية الشاملة الكاملة التي تتوافق مع النمو الاقتصادي والتجاري للمنطقة.. مخططات هيكلية منظمة الشوارع تتوافق مع حركة المرور.. مع النشاطات الاقتصادية لكل مدينة أو مخطط أو منطقة.. وأن تتابع تنفيذ مثل هذه المخططات بدقة.
4 - أن يكون لهذه الهيئة دور في مجال دعم المرافق السياحية والترفيهية في المنطقة مثل تطوير المدن سياحياً ومتابعة برامجها السياحية الربيعية خصوصاً حيث إن المنطقة تتمتع بفصل ربيعي رائع جداً بفضل المتنزهات والصحاري والمراعي.. بحيث تقوم هذه الهيئة بمنع التعديات الصارخة على المعالم الجغرافية والسياحية بالمنطقة مثل التعدي على معلم (رامة) التاريخي الواقع جنوب البدائع وهذا التعدي الذي لا يعرف للآثار قيمة قد طال (رامتان) بأكملهما حيث إنه حين لم يكن هناك أي رد فعل بعد تطويق (رامة) الشرقية بالعقوم الترابية التي أخذت منها.. ثم الصعود إلى أعلى رامة واحتوتها الرشاشات المحورية.. ودمرت المعدات آثارها ومعالمها وأخذت الأثرية منها.. فمثل هذه الهيئة نتمنى أن تتبنى الدفاع عن مثل هذه المعالم وكذلك إيجاد مدن تراثية كالخبراء القديمة والتي هي مرشحة أن تكون مدينة نجدية تراثية نموذجية يمكن ترميمها والحفاظ عليها.
5 - المنطقة هي منطقة زراعية خصيبة التربة حيث يمر بوسطها أطول وأكبر وأخصب أودية الجزيرة العربية (وادي الرمة) وهي وفيرة المياه وتتوفر بها مقومات الاستثمار الزراعي.. وخاصة في مجال التمور.. والنهضة الزراعية بالمنطقة تعمتد على صغار المزارعين الذين لا يتحملون في الغالب ارتفاع أسعار الديزل أو الكهرباء أو تكاليف التسويق وبالتالي تعثر مشاريعهم الفردية.. حيث إننا نرى كثيراً من المحاصيل وخاصة بعض أنواع التمور تترك على نخيلها بسبب عدم اقتصاديتها لمزارع صغير لا يجد من يجنيها ويسوقها.
أتمنى أن تقوم شركات زراعية كبيرة في المنطقة تتولى تطوير الزراعة بناء على دراسات استراتيجية اقتصادية تشمل مخزون المياه والعائد الاقتصادي لهذا الاستثمار.. أن تقوم مثل هذه الشركة على نشاطين.. نشاط استثماري ونشاط تسويقي زراعي.. وأن يساهم بها جميع المزارعين .. حيث تتولى مثل هذه الشركة دعم هؤلاء المزارعين بالمعدات والدراسات والبذور والأسمدة..
أو أن تكون شركة مساهمة تقيم مشاريع استثمارية زراعية كبيرة كمشاريع الخضروات أو التمور وأن يكون هناك نشاط تسويقي حيث تقيم هذه الشركة أسطولاً من سيارات النقل المبرد لشراء منتجات المزارعين وتسويقها ووضع مستودعات تبريد لحفظ هذه المنتجات كحفظ الخضروات في زمان كثرة إنتاجها وتوزيعها أثناء شح الإنتاج.. وكذلك تبريد التمور وتوزيعها على مختلف مناطق المملكة.إنني أتمنى أن يقوم مجلس منطقة القصيم برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن العزيز رئيس المجلس بدراسة مثل هذه الفكرة ولسموه أياد بيضاء في مجال تطوير هذه المنطقة التي تقبع في قلب الوطن ولنائبه الأمير عبدالعزيز بن ماجد جهد مماثل.. ولأمين عام مجلس المنطقة المهندس حمد الزيدان جهد مشكور في تطوير أعمال هذا المجلس وتفعيل نشاطاته.
المهندس عبدالعزيز بن محمد السحيباني |