نشرت مجلة القافلة، التي تصدرها الأرامكو، في عددها الصادر في مايو - يونيو 2004م، ربيع الأول - ربيع الآخر 1425هـ، رأيين لكاتبين: سامح كريم، جهاد فاضل، كل منهما سلك منحى يختلف عن صاحبه، ورأيت أن الأستاذ سامح كان موضوعياً، وفِّق إلى الصواب، أو هو نهج الكاتب المتقن المتمكِّن، على حين أن الأستاذ جهاد، مضى في درب لا يوصل إلى منهجية الحكم والدرس النقدي، ذلك أنه اتكأ فيما كتب على آراء خصوم الأستاذ العميد، وإن كان في آخر حديثه قال: (وفي اعتقادنا أن صورة طه حسين الحقيقية لا تلتمس فيما يقوله هؤلاء الخصوم والأعداء عنه، ولا كذلك فيما يقوله تلاميذه ومريدوه، بل إنها تُلتمس فيما يقوله الفريقان معاً).
* ودعوني أقف مع الرأيين، لكني أترك المعتدل بآخرة، لأن توجه جهاد لم يكن سوياً، ذلك أن آراء الخصوم لا يعتدُّ بها، وعلى الأقل فهي عندي وعند المقسطين، تحتاج إلى نظرة تحليلية من الذي يتعرض للدرس النقدي، ولم يمارس ذلك الأستاذ فاضل، والقارئ الفطن يرى أن كتابته هامشية لا يُعوَّل عليها في موازين الرأي المعتدل!.
* إن الكاتب الذي يتولى الحكم في الدرس النقدي، لا يعوّل على آراء الخصوم ولو بعين واحدة، إلا بعد أن يحلِّل ما قالوا، وما ابرموا وما حكموا، والأستاذ جهاد لم يفعل شيئا من ذلك، بل ركز وحشد آراء أكثر الخصوم، لكن دوره كدارس وحكم، يحتم عليه أن يقرأ تلك الآراء ويغربلها، ثم يقدم نتاج درسه الذي يعتقد أنه الحق أو قريب منه.
* وخلال قراءتي للرأيين المختلفين في الرؤية، رأيت أن الأستاذ سامح قد وفق، لأنه سبل الانصاف والصواب.. ولعل رأي الأستاذ جهاد انطلق من توجه صحافي لا يُعوّل عليه ولا يُعتد به، لأنه ليس دراسة، ولا بحثاً يصلح مرجعية ودرساً، فهو ملمح لقراءات شتى قدمت بلا تحليل ودون غربلة، وآراء الخصوم لم تكن يوماً من الأيام مرجعية يُتكأ عليها، ويستشهد بها في مجال الحكم والدرس والبحث، لذلك أرى أن ما قدَّمه جهاد فاضل عن طه حسين لا قيمة له، ولا وزن، ولا مرجعية.. ويبدو أن القافلة وهي تسير، ليس فيها ميزان يُقوِّم ما ينشر، وإن كانت تورطت في استكتاب جهاد، فكان ينبغي أن يعلِّق محررها الثقافي في وعي على هذه الآراء الفجة المُلَمْلَمَة، والنقل غير المدروس!.
|