هناك نماذج غير مقبولة لرسائل إعلانية مستخدمة لإعلانات تجارية موجهة لأسواقنا والتي تزخر بالعديد من الإعلانات المختلفة (سواء كانت مرئية عبر التلفاز أو مسموعة عبر المذياع أو مقروءة عبر الصحف والمجلات والمنشورات الدعائية).
وأنا هنا لا أعترض على استخدام الإعلان بل بالعكس أشجع جميع المنشآت على استخدام ما أمكن من الوسائل الترويجية المتاحة سواء كانت إعلانات أو بيعاً شخصياً أو تنشيط مبيعات أو علاقات عامة.
الاعتراض ينصب على محتوى ومضمون بعض الإعلانات التجارية الموجهة إلينا، حيث نتفاجأ بنوعية من الإعلانات الدخيلة على مجتمعنا والرديئة المحتوى والمضمون والتي قد لا تحمل أي معنى.
أنا مع الإبداع والابتكار والتغيير في الأسلوب الإعلاني ولكن يجب ألا يكون على حساب خدش الذوق العام ومحاولة طمس هويتنا المحلية فما يصلح في بلد ما قد لا يصلح في بلدنا لاعتبارات عديدة (اجتماعية، تقاليد وعادات، دينية وشرعية).
كذلك أعترض على استخدام إعلانات ورسائل قد تساهم في إفقادنا لهويتنا وقيمنا التي هي مصدر عز لنا، أعترض على ما أرى من صور لأشخاص من خارج بيئتنا يستخدمون ألفاظا لا تناسبنا وينطقون لهجتنا بطريقتهم وليس بطريقتنا.
وكما هو معروف فأن الهدف الأساسي من استخدام الإعلان أيا كان نوعه هو زيادة المبيعات وتحقيق الأرباح لأي منشأة تجارية أو خدمية عبر توعية الناس ومحاولة جذبهم والتأثير عليهم باستخدام رسائل إعلانية معينة.
كذلك فإن من شروط نجاح الإعلان أن يكون هادفا، مقبولا، مبتكرا، مطورا، وبناء، وبالتالي يجب أن يرتكز الإعلان على أساس جذب العميل للمنتج من أجل شرائه وليس من أجل استفزازه وإثارته وجعله يفكر في الإعلان ومحتواه السيىء وبالتالي يغفل عن المنتج وينعكس ذلك سلبا على قراره الشرائي.
وأرى من وجهة نظر شخصية أن السبب في رداءة مستوى بعض الإعلانات التجارية لدينا هو اعتماد بعض أصحاب المنشآت على وكالات دعاية وإعلان أجنبية لها تواجد قوي في السوق السعودي ولكنها بعيدة كل البعد عن بيئة المجتمع وتقاليده وعاداته، حتى وللأسف الشديد فإن الأشخاص المستخدمين في الإعلانات هم من غير أبناء الوطن ويلبسون زينا الوطني بأشكال غير مقبولة تصيبنا بالاستغراب عند مشاهدتهم.
الأمثلة كثيرة جدا ولا يتسع المجال لذكرها هنا ولكن ولإيضاح ما أرمي إليه سوف أذكر هذا المثال، فهناك إعلان تلفزيوني لإحدى الشركات ينفذه أحد الفنانين السعوديين في مدرج ملعب كرة قدم وهو محاط بجماهير غفيرة مرتدين زينا الوطني بطرق غير مقبولة ولا أعلم ما هو السر من عدم مشاركة شباب سعوديين في مثل هذا الإعلان حتى وإن تم تصويره في دولة عربية شقيقة.
وليأخذوا العبرة من شركات الأشمغة والثياب الجاهزة الرجالية والشبابية الذين يستخدمون العنصر الوطني في إعلاناتهم بشكل مميز وبرسائل من صميم البيئة وبتكاليف أقل بكثير، مع مطالبتنا بألا تقتصر مشاركة الشاب السعودي فقط في وضع صورته في الجريدة بل يجب أن تتعدى ذلك بكثير من حيث المشاركة الفعلية في وضع الخطة الإعلانية والتصميم الإعلاني ومتابعة تنفيذه والمشاركة فيه.
إن موضوع الإعلانات التجارية موضوع شائك ومتشعب وطويل ويحتاج إلى عدد من المقالات لإعطائه حقه من الطرح، وسوف أكتفي هنا بسرد بعض الملاحظات الهامة التي يجب أن تؤخذ في الحسبان من قبل الجهات ذات العلاقة للوصول إلى صناعة إعلان متميزة:
1- تعد صناعة الإعلان من الصناعات الرائجة على المستوى العالمي والمحلي وهي تشهد نموا كبيرا في وقتنا الحالي ولكنها لم تستغل الاستغلال الأمثل من قبل المختصين والمستفيدين منها.
2- هناك محاربة صريحة من قبل وكالات الدعاية والإعلان الأجنبية للوكالات المحلية.
3- يلاحظ عدم مراعاة للعادات والتقاليد واختلافاتها بين المجتمعات عند استخدام بعض الإعلانات التجارية.
4- هناك إهدار لطاقات ومقدرات وطنية مبدعة في المجال الإعلاني.
5- هناك غياب واضح للرقيب والرادع لأخطاء الوكالات الإعلانية.
6- هناك غياب واضح لدور صاحب المنشأة في وضع وانتقاء الرسائل الإعلانية.
7- هناك خلل وفوضى في صناعة الإعلان لدينا بسبب عدم وجود جهة مختصة محددة تتولى متابعة وتنظيم هذه الصناعة.
8- هناك إغفال لدور المواطن ومشاركته في الإعلانات التجارية المستخدمة في أسواقنا، حيث إن الذي يقوم بوضع الفكرة الإعلانية وتصميمها وحتى تنفيذها شركات إعلانية أجنبية فكثيرا ما نرى صورا وأشكالا لأشخاص لا يمثلون هويتنا وبيئتنا ويستخدمون لهجة غير لهجتنا.
9- يلاحظ أن وكالات الإعلان هي المتحكمة في الإعلان ومحتواه وفي اختيار الوسيلة الإعلامية (سواء كانت مقروءة، أو مسموعة أو مرئية).
10- يجب ألا ننسى أن نشيد بوجود العديد من المنشآت الوطنية والتي تستخدم إعلانات مميزة ومن صميم البيئة المحلية أختم حديثي بمناشدة المسؤولين بضرورة إعادة النظر فيما يتعلق بصناعة الإعلان وإعطائها أولوية واهتماما خاصا.
ويجب أن يكون من أهم الأوليات ما يلي:
- إيجاد جهة مختصة تتولى مسؤولية المتابعة والإشراف على هذه الصناعة ومراقبة كل المخالفات والتجاوزات التي تحدث من قبل وسائل الإعلام ووكالات الإعلان المتخصصة الخارجية والمحلية، والتي تهدف بالمرتبة الأولى إلى الكسب المادي بأي شكل من الأشكال.
- أن يتم وضع ضوابط ومحددات بحيث لا يتم تجاوزها من قبل وسائل إعلامية خارجية مشددين على ضرورة مراعاة الذوق العام واحترام أسس المنافسة الشريفة.
- إلزام وكالات الإعلان الأجنبية بتوظيف شباب سعودي وتدريبهم في المجال الإعلاني، حيث إن هناك العديد من الشباب السعودي المتحمس القادر على النجاح والذين ينتظرون أن تتاح لهم الفرصة.
- ضرورة التأكيد على الوكالات الإعلانية بأهمية صياغة إعلاناتنا التجارية بلهجتنا المحلية بهدف المحافظة على هويتنا وقيمنا وهذا بالتأكيد سوف يساهم في وصول الرسالة والفكرة الإعلانية بسهولة إلى الجمهور المستهدف وتحقيق الهدف المرجو أساسا من الإعلان.
ما سبق يمثل وجهة نظر شخصية تعبر عن رأي كاتبها الذي يعد من أشد المؤيدين والمطالبين بضرورة الاهتمام بالإعلان وزيادة الإنفاق عليه من قبل المنشآت عن طريق تخصيص ميزانية مستقلة خصوصا وأن نسبة الإنفاق الإعلاني في المملكة العربية السعودية قليلة جدا مقارنة بحجم الانفاق العالمي على الإعلان.
* مستشار تسويق
|