يعد التعليم بكافة أنواعه البناء الرئيس للإنسان، ولا بد من أن تتنوع مخرجات التعليم في أي بلد حسب احتياجات سوق أي عمل، وأمام رغبات متعددة لدى أفراد المجتمع، والتعليم والتدريب لا يعنيان صقل مواهب أو أفكار الإنسان لأجل أن ينهل بمواد تعليمية معينة لأجل التعليم فحسب، بل هناك أهداف متعددة وذات طابع نوعي في البعض منها، وذلك لأحقية أفراد المجتمع إليها، فالفرد لديه طموحات ورغبات تختلف من فرد لآخر، ولهذا وجب أن يهيأ له داخل مجتمعه العديد من المصادر التعليمية الممكن إعدادها ونقلها إليه، ليكون فرداً يملك العديد من المواهب والثقافات التي تثري وتنمي مجتمعه، ونحن في هذه البلاد نرى أننا فعلنا ما بوسعنا في توافر العديد من المخرجات التعليمية المتوافرة في العديد من البلدان النامي منها والمتقدم، ولكن لا يعني هذا أننا وصلنا الى مستوى شبه الكمال في مؤسساتنا التعليمية، خصوصاً التعليم العالي منها، ففي الوقت الذي نطالب فيه مواءمة مخرجات التعليم لدينا مع احتياجات سوق العمل، وكذا الطموحات التي أوجدت لدينا هاجساً ملحاً نحو المناشدة للتوسع في إنشاء مؤسسات تعليم عالٍ في كافة مناطق ومحافظات البلاد، إن كل ذلك لم يتحقق منه إلا اليسير، لأسباب عديدة، منها صعوبة التخلص من مخرجات تعليمية قديمة في جامعاتنا، ومنها أيضا أن غالبية أساتذة الجامعات هم من حملة التخصصات التعليمية التي لا يحتاجها سوق العمل، وهكذا دواليك، وأعتقد أن أمام تلك المعضلات، لا بد من السعي نحو إيجاد حلول فعلية يأتي في مقدمتها الأخذ بمبدأ التعاون والتبادل التعليمي والثقافي الذي تمليه روح العلاقات الثنائية بين بلادنا والعديد من البلدان الشقيقة والصديقة، وذلك بأن نسعى إلى استقطاب فروع جامعات من تلك الدول، وأن نحرص عند التعاون والتعاقد مع الجامعات ذات الكفاءة العالية، وأن تكون من الجامعات العريقة والمشهود لها بسمو أخلاقيات أساتذتها، إضافة الى المستوى الرفيع في مخرجاتها التعليمية، وأرى أن توجهاً كهذا سوف يمد بلادنا بثقافات عديدة، ويخفف على جامعاتنا الحمل الثقيل الذي لم تعد قادرة معه على استقطاب أعداد أكثر لأبنائنا وبناتنا في بداية كل موسم دراسي جديد، وخير شاهد على نجاح هذه الفكرة تجربة فتح فرع للجامعة العربية المفتوحة في المملكة، تلك التي تقدم إليها منذ افتتاحها الذي لم يمض على ذلك سوى سنتين من الزمن، وذلك قرابة اثني عشر ألف طالب وطالبة أو أكثر، وتجارب كهذه مشاهد نجاحها في بلدان ربما تمثل فيها التركيبة السكانية ثلث سكان المملكة مثل دولة لبنان الشقيق، ذلك البلد الذي يحتضن العديد من فروع الجامعات الأجنبية، إلى أن أضحى التعليم العالي فيه متاحاً لكافة خريجي المراحل الثانوية بكافة فئاتها، إذن ما هو المانع من أن يكون لدينا مثل ذلك التوجه، مع سعينا على سن الضوابط والشروط عند قدوم مثل هذه الجامعات، وذلك بأن تطبق شروط وتعليمات سياسة التعليم لدينا، آمل أن نفكر وندرس، ولا نتأخر في اتخاذ مثل هذا القرار الوطني.
(*) الباحث في شؤون الموارد البشرية
Fax No2697771@Yahoo.Com |