السوسة تتسلل الى المجتمع السعودي بشعور الأسى والحزن، الذي لا يجعلنا ننكر بأن هناك سوسة تسللت الى المجتمع السعودي، وهي الإرهاب، الذي اصبح هذا العام يزداد شراسة، وهو ولله الحمد في طريقه للاندثار. فالإرهاب شر عالمي، يتواجد في اغلب بلدان العالم مع اختلاف طبيعته واهدافه، هو لا يرتبط بدين ولا جنسية، وانما يرتبط بمصلحة فئات محدودة تجند غالبا فئة الشباب لخدمة اهدافها الشخصية. ولخبث اهداف هذه الفئة فانها تحاول ان تدخل من مدخل الدين وتجد اهدافها الظاهرة دينية وتؤجج مشاعر الغيرة على الدين، وبعد ان تنجح مساعيهم في استدراج هذا او ذاك تبدأ خطواتها تنحرف تدريجيا كي لا ينكشف امرهم ويقوموا بتحريف النصوص وتحريف تفاسيرها لتصبح ملائمة لما يدعون له. لا أحد منا ينكر شناعة ما يقومون به من قتل وتخريب وترويع للآمنين، وهذا النهج هو مستورد من الخارج، وناتج عن حسن نيه، حيث اردنا مساعدة اخواننا المسلمين في افغانستان ومناصرتهم في حربهم ضد السوفييت، الا انهم وللاسف استغلوا طيبة هذا الشعب وحبه لنصرة الدين وغيرته عليه، فاستقبل ابناءنا مجموعة من اصحاب الفكر الهدَّام والنهج التكفيري، وبدأوا بتوسيخ عقولهم وليس غسلها، وكرسوا انفسهم لتحقيق اهدافهم الخبيثة وعملوا على نزع كل ما يحمله ابناء هذا الوطن الطاهر من براءة وحسن نية وطهارة في العقيدة والمنهج، وتبديله بكل ما هو ضد الدين وضد المسلمين وضد الوطن والعالم قاطبة.. اذن المشكلة هي مشكلة فكر، ومادام الامر كذلك فلابد ان يكون العلاج ايضا علاج فكر، فالشباب الذين يقتلون انفسهم ويقتلون إخوانهم وابناءهم وآبائهم، لم يدركوا انهم على خطأ يتعارض مع الدين والعرف، بل كانوا يعتقدون بانهم على صواب والآخرين على خطأ، فقد عُبِّئت افكارهم بذلك وذهبوا ضحية هذه المؤامرة. لا انكر بان هناك تطرقا للتوجيه الفكري من هنا وهناك، الا انها محاولات محدودة وقليلة جدا وليست على مستوى الحدث، فالحملات الاعلامية جميعها تركز على ان ما فعلوه هو مخالف للدين ومخالف لما يتمتع به ابناء هذا الوطن من حب الاخرين وبذل ما في وسعهم لمساعدة المسلمين في كل انحاء العالم، وعلى أهمية هذا النهج الا انه لم يدخل الى العمق، فنحن نريد من العلماء وكل مثقفي هذه البلاد الطاهرة، أن يفندوا كل مزاعمهم وكل حججهم، وايضاح الادلة الشرعية من الكتاب والسنة التي تبطل كل ما يذكره لهم اعداء هذا البلد، فالقضية قضية إقناع، فتوضيح بطلان كل ما يدعونه يجعل المواطن لديه حصانة قوية ضد هذا الفكر بل هذا التوضيح خاصة في وسائل الاعلام قد يثني البعض ممن غُرِّر بهم بارتكاب مثل هذه الجرائم البشعه.. فالمقصود هو العمل على كل الاصعدة من اجل اجتثاث هذا الفكر الهدَّام، وان يكون هناك خطان للمواجهة: خط القوة والردع، والخط الآخر هو التنوير الفكري؛ كي نحصل على قمع كل من سولت له نفسه في ركوب موجة الارهاب، والعمل على ثنيهم في الطريق لاعتناق هذا الفكر، مع ادراكي بأنهم قلة، وكذلك دعم قناعة كل منهم ضد هذا النهج، وهم ولله الحمد جُلُّ هذا المجتمع.
|