الأثر الساحر للتربية هو الذي جعل دولاً تم تسويتها بالأرض تخرج اليوم لتمسك بزمام قوى التقنية والإنتاج والاقتصاد العالمي. كم نحن هنا بحاجة إلى إكسير التربية لنعالج به موسوعة العلل التي استوطنتنا. وما لم يسارع صناع القرار لدينا إلى تحضير وتركيب الأكسير المناسب لعللنا فسيطول ليل تخلفنا، ولن يجدينا نفعاً البحث عن هذا الأكسير جاهزاً ومعلباً عند الأمم الأخرى (نعم لن نعيد اختراع العجلة).
إذا استمرت القدرات الهائلة لعقول جيوش المتعلمين معطلة، وأصبح هؤلاء يتخبطون في ظلمات الهوى والخرافات والأساطير، فإن التربية عندئذ هي الحل.. وإذا اتجهت جهود التغيير والتطوير نحو الشكل والمظهر على حساب المضمون، فإن التربية هي الحل.. وإذا شعر الناس ان كفاءتهم لم تعد ترجح وتعزز فرص فوزهم بأي فرصة، فإن التربية هي الحل.. وإذا افتقد الناس حرية إبداء الرأي وأصبح رأي المسئول أو رأي فئة بعينها يصادر بقية الآراء، فإن التربية هي الحل.. وإذا وجد المطبلون والمصفقون سوقاً رائجة، فإن التربية هي الحل.. وإذا تناقض القول المنمق في المنتديات مع واقع الحال، فإن التربية هي الحل.. وإذا وضعت البيروقراطية جلاميد من الصخر في طريق التنمية، فإن التربية هي الحل.
لكن التربية المريضة لا تقدم حلولا ناجعة.. معالجة التربية المريضة تبدأ منطقياً وعملياً باختيار قياداتها الأصحاء.. إذا مرضت قيادات التربية مرضت التربية نفسها، وإذا مرضت التربية مرضت التنمية بكل صنوفها.. هكذا ببساطة.
(*) كلية المعلمين بالرياض |