من خلال طبيعة عملي كمحرر صحفي بجريدة الجزيرة الغراء تشرفت برصد ومتابعة انطباعات المواطنين العاديين والمسئولين بمنطقة المدينة المنورة، والتي تعطي الباحث أو الدارس مؤشراً واضحا حول ظاهرة الإرهاب التي ضربت بلادنا مع كثير من الدول بسبب الفكر المنحرف الذي يروجه بعض المنظرين المضللين، الذين سينالون من رب العزة والجلال الجزاء الذي يستحقونه، حيث ذهب ضحية هذا الفكر المنحرف العديد من الأبرياء، وانتهكت من خلاله حصون ديننا الحنيف المنيعة تحت شعارات منحرفة وأفكار تدميرية، ونال الإرهابيون المُغَرَّرُ بهم ما نالهم من تشرد في الجبال والأقبية، ولجأ البعض منهم الى الانتحار والعياذ بالله، بينما بقي المنظرون في بيوتهم يتفرجون على ما سببوه من آثام كبيرة سوف ينالهم جزاؤها إن عاجلا أو آجلاً.
وقد تابعت الفرحة الكبيرة التي سادت الشارع السعودي بعد النجاح الكبير لرجال الامن، الذين أضافوا إلى سجلهم الناصع صفحة جديدة بمقتل رأس الإرهاب في المملكة (المقرن) ورفاقه المجرمين القتلة.. وقد سعدت بما كنت واثقا منه بمشاعر المواطنين وهم يسجلون آراءهم بصدق وبعبارات تفيض وطنية وودا وتفانيا لوطنهم، وهم يتحدثون حول ظاهرة الإرهاب في بلادنا ونبذهم لهذا الفكر المتطرف وما ينتج عنه من قتل وتدمير ينال الأبرياء من أبناء هذه البلاد الآمنين، ويطال ممتلكاتهم.. ولمست حرصهم الصادق على التخندق في خندق واحد خلف رجال الأمن الأشاوس بقيادة رجل الأمن الأول سيدي صاحب السموّ الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -وزير الداخلية- وهم يواصلون حربهم على الإرهاب.. وشاهدت مواقفهم النبيلة خلال مداهمة بعض أوكار الفئة الباغية بالمدينة المنورة الذين استباحوا قدسية المدينتين المقدستين، وكان المواطنون الأوفياء خير عونٍ لرجال الأمن.
ومن عباراتهم الصادقة التي أثلجت صدري (كلنا واحد في حماية أمن الوطن.. وكل فرد منا رجل أمن لهذا البلد الطيب بلد التوحيد.. ونحن فداء لأمن أرضنا وجميعنا نرفض ممارسة الفئة المارقة، والتي انكرت انتماءها لهذا الوطن بإعمال إجرامية حاقدة، هدفها قذر وبغيتها ممارسات منحرفة لن تنال من صلابة وقوة هذا الوطن.. وطن العز والفخار). ورفع الجميع تحية حب وتقدير لرجال الأمن السعوديين الذين كانوا على قدر المسئولية وكانوا -كما عهدناهم دائماً- في المواقف الصعبة.. فقد رأينا مواقف هؤلاء الرجال في قضايا سابقة وتابعنا إنجازاتهم في الرياض وفي المدينة المنورة ومناطق أخرى, هذه الإنجازات الأمنية أشعرتنا بالاطمئنان على أمننا، وهذا الشعور عزز لدينا الثقة المتأصلة في نفوسنا بأداء رجال الأمن.
وقد سعدنا جميعا بمتابعة العمليات الأمنية الناجحة والمكثفة لرجال الأمن في العديد من المناطق، حيث نجحت هذه الجهود المتميزة في القبض على عدد من المطلوبين أو المتسترين عليهم والمتواطئين معهم وبعض مروجي فكرهم المنحرف.. وهناك إجماع وطني واضح على استنكار الأعمال الإجرامية وإشادة بالاداء الرفيع والمستوى الراقي الذي أثبته رجال الأمن.
والآن وبعد أن فتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - باب العفو أمام المُغَرَّرِ بهم من البقية الباقية من هذه الفئة، وذلك في البيان الإنساني الذي أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبدالعزيز -ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني- وهي فرصة أخيرة وتمنح عن قوة لا عن ضعف.. كما أن الحرب على الإرهابيين متواصلة خلال الفترة المعلنة والتي مدتها شهر، فإنني متفائل بقرب استئصال البقية الباقية من فلول الإرهابيين خاصة في ظل هذه الفرصة الممنوحة لهم من قبل الدولة لتسليم أنفسهم.. وأرجو أن يستفيد منها المُغَرَّرُ بهم، كما ارجو أن يحرص أولياء أمورهم بنصحهم بسرعة تسليم أنفسهم، كما أنني أرجو أن يتبع الجميع خاصة أهل الفكر أسلوب الشفافية والوضوح في انتقاد هذه الفئة.. وقد كان الأمير عبد الله بن عبدالعزيز واضحاً بتحذير الجميع أكثر من مرة بعدم التعاون او التساهل مع هذه الفئة، وقوله -رعاه الله- إن من يتعاون معهم لهو أشد ضرراً منهم. كما أنني أرجو من مروجي الفكر المنحرف بين فئات الشباب أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يعودوا إلى الصواب والاعتدال، وهو منهج أهل السنة والجماعة.. فنحن - كما أكد كبار العلماء- أمة وسطية.. وأقول للشباب الذين يقعون ضحية لهذا الفكر ويرتكبون جرائمهم المنكرة في حق أهلهم ووطنهم: أفيقوا من هذا الكابوس.
ولا أنسى أخيراً أهمية دور المجتمع والأسر بتوعية الأبناء وتحذيرهم من الوقوع في حبائل الشر ونصحهم بالابتعاد عن منظري هذه الأفكار المنحرفة التي تقودهم إلى الهاوية.
|