لم يعد أبو الطيّب المتنبي هو شاغل الناس وحده لأكثر من عشرة قرون، ذلك أننا نجد في العصر الحديث من شغل الناس منذ ثمانية عقود، وإلى اليوم، وإلى الغد القريب والبعيد..
* أبو الطيب المتنبي، حينما تفجرت شاعريته في عصر ذهبي متفتح، رغم الأحداث والجهاد، ولأن المتنبي كان ثورة شعرية قوة وحكماً ونزعة إبداعية في تحدٍ اكتسح فيه الساحة، لأنه قوي وشجاع وعظيم، فقامت ثورة ضده حياً وميتاً، وأصبح يُكنى بشاغل الناس، والإنسان ذو الشأن القوي المصادم والنزّاع إلى الزعامة والتحدي بحق، يكثر خصومه وأعداؤه ومؤيدوه عبر أحقاب الزمان، كذلك كان المتنبي في الماضي وإلى اليوم، وإلى أن يرث الله الدنيا ومن عليها، وكذلك حال طه حسين في العصر الحديث، وستظل ذكراه والاختلاف في ثقافته وآرائه ومعاركه، لأنه قوي وصلب وعبقري!.
* إن الذي تكثر معاركه في الحياة، يكثر خصومه، وأكبر شاهد على ذلك في العصر الحديث، الدكتور طه حسين، والأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، والدكاترة زكي مبارك، والأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي وغيرهم، مع اختلاف الأنماط والتوجهات، فمثل زكي مبارك، يمكن إدراجه في عداد الذين يمارسون المصارعة.. وهناك من يمكن أن نسميهم مسالمين، الذين يؤثرون العافية، فهم شبه آمنين إلى حد كبير، غير أن النقد يطالهم، لأنهم كتبوا ونظموا الشعر، ومارسوا النقد، وأنشأوا الرواية والقصة والمسرحية إلخ.. إذاً فالنقد والمعارك بعامة ديدن الحياة.. ولعلنا من استقراء الأيام، ندرك أن أصحاب الحرفة الواحدة أو المتشابهة دائمو العداوات والحسد والكراهية، إلاّ من سلم الله، وهذا يذكر بقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة في قصيدته المشهورة: (ليت هنداً أنجزتنا ما تعد)، وهو القائل:
حسداً حمّلنه من أجلها
وقديماً كان في الناس الحسد |
|