إن الخدعةَ التي تقوم بها الشركات المنتجة للتبغ تحت مسمى (سجائر قليلة القطران) ما هي إلا إغراءات وألاعيب تنشرها الشركات، وتحت هذه الخدعة يكون خطر التدخين أكبر وأشد، حيث يشعر المدخن أنه يحتاج لأكثر من الكمية المعتاد عليها (الثقيلة) فيسعى إلى استهلاك أكبر وهكذا..
ولطالما أدركَتِ المجتمعاتُ المتحضرةُ خطورةَ الدخانِ، حيث تشير الإحصائياتُ المؤكدةُ الواردةُ من منظمة الصحة العالمية أنه تحدث يومياً 11.000 حالة وفاة بسبب الدخان فقط! وقد طالبَتِ المنظمةُ الدولَ المصنعةَ للتبغ بدفع ضرائب للمرضى الذين تسبب الدخان في إِمْراضِهِم. كما أن الدوائر القضائية تُلزم الشركاتِ بتعويض المتضررين وتقوم تلك الشركات بالدفع دون رضا منها ولكنها مجبرة ستراً على نفسها وإخفاءً لجريمتها، وهي تدّعي أن التدخين اختيارٌ شخصيٌّ وحسب الرغبة! إلا أن الترويج والإغراء يدخل في إطار ذلك الاختيار! وهي بذلك تستهدف الشبابَ والمراهقين وبالأخص في الدول النامية، وتستخدم لذلك الترويجِ الرياضيينَ والمطربينَ وهو بلا شكٍّ استهلاكٌ صحيٌّ وشبابيٌّ طويل الأمد ولو ادّعت تلك الشركات أنها توضح التحذيرات على علبة السجائر - فالحقيقة أن الأمراض التي تذكرها تلك الشركات ليست هي المحصورة فحسب ولو أنها كافيةٌ لقتل الإنسان!! ومن المخجلِ حقاً أن تعترفَ الشركة المنتجة للتبغ بأنه يتسبب في هذه الأمراض وتكتبها بكل وقاحة! علماً أن الدراسات والأبحاث لم تُعطَ ما تستحقه من الاهتمام من قِبلِ الجهات الرسمية أو الباحثين من التوعية المناسبة ورفع الأسعار، بينما تقوم شركات التبغ بالترويج والأبحاث التسويقية لرصد متغيرات السوق والذوق العام وتوجهات الناس.
وقد كان الفارق في الوفيات بين النساء والرجال يشكّل نسبةَ واحدٍ إلى خمسةٍ إلا أنه قد تقلَّص في السنوات الأخيرة بسبب ممارسة المرأة للتدخين! وأصبح الفارق في الوفيات بين المرأة المدخنة وغير المدخنة نسبة ثلاثة إلى واحد، وهذه إحصائية موثقة وحقيقية!! ومع ذلك فقد ذكرَ تقريرٌ من جمعية مكافحة السرطان الأمريكية أن معدل الوفاة بالسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية قد انخفضَ بنسبةٍ كبيرةٍ لإدراك المجتمعِ الأمريكي لخطورة التدخين ونشاط الجمعيات في هذا الأمر، مع أن الإحصائيات الأخيرة ترشح أنواعاً أخرى من الأمراض التي ستفتك بالبشرية بسبب الدخان وحده، كسرطان الرئة وضيق التنفس المزمن وسرطان الحنجرة لا سيما في حالات الغش التجاري التي لم تخلُ منها حتى شركات التبغ!! إضافة إلى ذلك فهو سبب لسرطان عنق الرحم للمرأة والمثانة والكلى، ويعرف المدخنون ذلك جيداً من رائحة البول والعرق!! فالدخان الموجود في السيجارة يتغلغل في الجسم حتى المسام والشعر والأسنان والأظافر! والله عزَّ وجلَّ يقول: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} والمجتمعات تشكو من تلوث البيئة بسبب عوادم السيارات التي تنتشر في الجو، فما بالك بهذا العادم الداخلي الذي يلوث الجسد من الداخل والخارج حيث التدخين السلبي يُعدُّ من المضار وتشير الدراسات إلى أن تواجد الأشخاص المدخنين بوسطٍ غير مدخن ومغلق يؤثر تأثيراً سيئاً عليهم، وخاصة الأطفال الذين قد يسبب لهم الربو وضيق التنفس!!
لذا فالمسألة لا تحتاج لتفكير أو مبرر للإقلاع عن التدخين، فالفيصل بذلك هو الصحة التي نحن مطالبون بالمحافظة عليها، بأكل وشرب الحلال المفيد، ولا بد من التوعية الدائمة ومحاربة هذه الآفة السيئة، والدعوة لقيام منظمات إنسانية، اجتماعية، محلية وعالمية لنشر الوعي وإرشاد المدخنين وتشجيعهم على التوجه لعيادات مكافحة التدخين، كما لا بد أن يساعدَ المدخن نفسه بالتفكير والتخطيط والإقدام وطلب الإرشاد والعون ممن حوله، والحرص على اختيار الصحبة المساندة، واللجوء إلى المختصين والأدوية المساعدة حتى يتم له التوقف بحزم وتصميم بعدم العودة.
ص.ب 260564 الرياض11342 |