لا اركب البحر اخشى
علي منه المعاطب
طين أنا وهو ماء
والطين في الماء ذائب |
صديقي وعزيزي القارئ الكريم انا أجرؤ لأحدثك عن هذه الخواطر الأدبية المتسلسلة التي لا نهاية لها الا بعد مدة من الزمن، وما أروع وأجمل الحديث عن الأدب، الأدب العامل بسذاجته بنيرانه في حديث العلم ومن فضائل العرب في القديم والحديث، وانا اذكر ان العرب في جاهليتهم وصدر اسلامهم كانوا في الجملة يتهيبون البحر ويخشون اقتحامه، وان عمر بن الخطاب كان لايأذن لأحد منهم في ركوب البحر غازياً، حتى ان معاوية لما استأذنه في غزو الروم بحراً من الشام اجابه: لا والذي بعث محمداً بالحق، لا احمل فيه مسلما ابداً. انا اعلم هذا واعلم انه لم ينزع هذا الخوف من قلوب العرب ولم يفل حد هذا البحر ويخفض شوكته ويطأ من كبره الا ليوث خرجوا من الضفة الغربية من هذا الخليج العربي فجرأوا اخوانهم على ولوج ظلماته وامتطاء غواريه ليبشروا برسالة حملوها فحملوها راضين مغتبطين، ذلك ان العلاء الحضرمي والي عمر بن الخطاب على البحرين احب ان يفعل في العجم ما فعله سعد بن أبي وقاص في القادسية, فندب عرب الخليج الى حرب فارس بحرا فلبوا نداءه. وتسرعوا الى ذلك، ففرقهم اجناداً ثم حملهم في البحر بغير اذن عمر ولا مرضاته، فعبروا الخليج وخرجوا الى فارس واوغلوا فيه حتى وصلوا الى اصطخر وكانت قصبة الملك في تلك البلاد حينا من الدهر, وقاتلوا الأعاجم قتال المستميت فظفروا.. وجرأوا بذلك اخوانهم من العرب على ان يحذوا حذوهم فيسودوا البحار من بعد كما سادوا اليابسة وضربوا بذلك مثلا ادبيا في الشجاعة والإقدام مالبثت بلاد الشام ان طبعت علىغراره، فأنشأ معاوية - وقد استتب له الأمر في دمشق - اسطولا ضخما ملأ البحر وفتح جزائره وحاصر به.. ولي معكم لقاء!
محمد عبدالعزيز الطواني |