هذه البلاد حباها الله- له الحمد- نعماً كثيرة لا حصر لها وفي مقدمة هذه النعم نعمة بدأت قبل أكثر من أربعة عشر قرناً وسوف تبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها وقد أكد بقاءها المولى جلت قدرته في كتابه العزيز {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}الآية.
والنعمة الثانية هي ان الله غيض لها الرجل الصالح المصلح الموحد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن (طيب الله ثراه) ليوحدها من البحر إلى البحر ويجعلها تحت راية التوحيد ويجعل من أنزله على رسوله وما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم دستوراً وقانوناً لهذه الأمة فكانت المملكة العربية السعودية حاملة راية التوحيد وراعية الحرمين الشريفين وخلف بعده ملوك التواضع والعدل والرأي السديد وها هي منجزات الحضارة والعلم وصون الدين والعرض وإكرام كل من يلوذ بحماهم خير شاهد على ذلك.
ونِعم أخرى لست بصددها لكنني اخترت أصدق هذه النعم والتي لا يستطيع غير الحاقد نفيها لتكون النعمة التي حبا الله بها هذه البلاد موضوع ما أطالب به الجهات المختصة بمعالجتها وعدم تركها دون حل فتبقى تجود بالضحايا من الأسر وفي كثير من الأحيان تكون الضحية أسرة بكاملها فتصبح هذه النعمة من مسببات الموت عندئذ لا تكون كذلك وتلك النعمة هي ان الله جعل هذه البلاد الطاهرة قلب الأمة الإسلامية من حيث التواصل والوصول فتربط الشام بالخليج ومصر بالخليج والعراق والمغرب بالخليج فنجد البضائع بالشاحنات من وإلى جميع هذه البلاد لا بد لها من عبور الأراضي السعودية وكذلك كل من أراد السفر بسيارته لا بد له من سلوك الطريق نفسه لكننا وبكل أسف لم نعط هذا الأمر ما يستحقه أو نهيئه ليستفيد منه المواطن والوطن بل تم إهماله حتى أصبح من أسباب الكوارث التي كثيراً ما نسمع عنها أو نصادفها ولعلي هنا وبما استطاع به اجتهادي وتجربتي ان ألخص بعض الجوانب السلبية التي يتوجب علينا معالجتها وبسرعة البرق، وكذلك الجوانب الإيجابية التي يجب عملها بسرعة الريح.
الأمر هو: ان الشاحنات التي تدخل المملكة من الأردن وسوريا ولبنان وتركيا عبر منفذ الحديثة باتجاه دول مجلس التعاون واليمن يزيد عددها على مائة وعشرين سيارة يومياً تتم إجراءاتها الجمركية ثم يسمح لها بالسفر بنفس اليوم فتكون على شكل أرتال متتالية كل رتل وكأنه قطاع يصادفك أوله ولا تعلم متى يصلك آخره وفي كثير من الأحيان يقابله رتل مشابه له متجه من الرقعي أو سلوى بنفس العدد وبطريق ذي اتجاهين متوجهاً إلى الأردن وسوريا ولبنان وتستمر هذه الأرتال مواصلة سيرها دون توقف مع ان المسافة التي تسيرها أي شاحنة من الحديثة إلى الرقعي لا تقل عن 1200 كلم ومن الحديثة إلى البطحاء (2100) كلم وهذه الشاحنات بالإضافة لسيرها على شكل أرتال يستعمل سائقوها الأنوار الغازية العالية وبقوة 24 فولت فيكون نصيب قائد السيارة المقابلة لها هو فقدان السيطرة على سيارته لتعذر التركيز بالرؤية ليكون نصيبه في أحسن الأحوال الخروج عن الطريق إذا لم يصادفه عائق فيكون سبباً في كارثة له، مع ان الغالبية العظمى منهم يستعملون المنبهات فتجدهم نياماً بحالة يقظة إضافة إلى الإرهاق والتعب وقلة التركيز والانتباه وما نطالب به هو:
1 - ألا يسمح لأي سائق شاحنة القيادة أكثر من 8 ساعات ويتم تحديد ذلك بموجب سجلات يتوجب على كل السائقين حملها ويتم التأشير عليها من قبل مراكز يتم تحديدها على الطرق أو في مدن المرور ومثل هذا النظام معمول به في كثير من مدن العالم.
2 - ألا يسمح لأي شاحنة بالسير بعد الساعة الحادية عشرة مساء وحتى الساعة الخامسة صباحاً ومثل ذلك يلزم سائقي هذه الشاحنات بأخذ قسط كبير من الراحة والنوم فيعطيه حيوية ونشاطاً وتكون حالة الانتباه لديه عالية فيكفي الناس شرور إرهاقه.
3 - ألا يسمح لأكثر من أربع شاحنات السير وراء بعضها كي لا تحدث إرباكاً للسيارات المعاكسة لها أو السيارات اللاحقة بها.
4 - ان يتم الكشف على كل شاحنة ساعة دخول المنفذ الجمركي ولا تتم الموافقة على مرورها ما لم تكن إطاراتها بحالة جيدة وغير مستهلكة كي لا يكون انفجار أحد إطاراتها سبباً في تصادمها مع سيارة تقابلها أو سيارة لاحقة بها عند انحرافها بالطريق وقد حصل الكثير من هذه الحوادث بمثل هذه الأسباب.
5 - تحقيق رسوم طرق على الشاحنات التي تستخدم تلك الطرق يتم إنفاق تلك الرسوم على صيانة الطرق وإصلاحها وإنشاء نقاط توقف عامة مجهزة بالمياه والمرافق الصحية.
6 - ان يتم تحديد السرعة بما لا يتجاوز الـ80 كلم في الساعة لأية شاحنة، ولا يكتفى بوضع اللوحات الإرشادية على جانبي الطريق والتي تدل على ذلك بل يتم مراقبة السرعة وفرض عقوبات على من يتجاوز السرعة المحددة وأقل تلك العقوبات منع دخول السيارة أو سائقها مدة لا تقل عن شهرين في المرة الأولى وبكل تأكيد فإن أي سائق حينما يعلم بمثل هذه العقوبة في انتظاره فإنه لا يفكر أبدا في تجاوز هذه السرعة علماً بأن البعض منهم يسير بسرعة 140كلم في الساعة غير مكترث بحياة الآخرين لأن هدفه هو الوصول لمقصده بأقل زمن ليحقق المكافأة التي وعده بها صاحب البضاعة.
هذا ما رجوت جهات الاختصاص النظر إليه وتطبيقه معه إنني لم آت بشيء جديد لكنها أنظمة أقرت الدولة الشيء الكثير منها لكن الكثير منها غير مطبق على أرض الواقع وأي شيء يجزأ أو لا يتابع بالتطبيق يفقد مصداقيته في حين أن تطبيقه وبقوة سوف يوفر الأمان على الطرق ويقلل من حصول كوارث الطرق التي تزداد نسبتها في فصل الصيف إضافة إلى إيجاد مراكز تجمع متعددة للسيارات على الطرق تزدهر بها تلك المدن على مختلف الأصعدة وتسهل مراقبة الشاحنات من النواحي الأمنية وهذا من الأمور المهمة للغاية.
|