* القدس المحتلة-بلال أبو دقه:
تقوم اسرائيل، كدولة احتلال عنصري ونظام وفكر صهيوني، على طمس الحقائق وتزييف التاريخ المتعلق بصراعها مع العرب والفلسطينيين بشكل عام وقضية القدس بشكل خاص، حيث تتمتع المدينة المقدسة للعرب والمسلمين بخصوصية كبيرة، لأنها تختص باستمرارية فريدة وتتحدى التاريخ، فقد التقت داخلها حضارات العالم، ومر بها الأنبياء والأباطرة وجحافل الغزاة، كما كانت دائما أحد مراكز التصادم بين الامبراطوريات القديمة والحديثة.
وتعرضت المدينة للتخريب في حياتها الطويلة نحو ست عشرة مرة، وفي كل مرة كانت تنهض إلى الحياة من جديد وتعود قوية متعافية.. وتجلت بها حكمة الأنبياء، فلعبت دورا مهما في حياة الأديان الثلاثة، وشهدت الإسراء معجزة الإسلام الكبرى، وهي أولى القبلتين وثاني الحرمين، وشهدت جبالها ووديانها دعوة السيد المسيح عليه السلام.. وهي للعرب تاريخ محفوظ، وقد ظلت لفلسطين كالقلب، ومن اكبر مدنها حتى بدأت المؤامرة الصهيونية ووقعت تحت نير الاحتلال وبراثنه، وأصبحت بالتالي اخطر تحد يواجه العرب والمسلمين في تاريخهم الحديث.
وهنا لابد من القول انه بقدر عروبة القدس يكون حجم الإرادة العربية، وبقدر ثبوت كذب الادعاءات اليهودية في القدس يكون مدى العجز العربي..
وتعد قضية القدس من اصعب وأخطر القضايا المتنازع عليها في مجمل الصراع العربي الإسلامي الصهيوني، وأكثرها تعقيدا.. والحقيقة هي انه لم تواجه مدينة لا في الصراعات الإقليمية ولا النزاعات الدولية ما واجهته هذه المدينة من أحداث، بسبب وضعها الديني الخاص في الديانات السماوية الثلاث.. ولهذا تعتبر القدس المحور الأساسي في القضية الفلسطينية، ولا يوجد أي مشروع سلام وضع لحل هذه القضية دون إبراز قضية القدس فيه، حيث طالب بعضها بالتدويل وببقائها موحدة، وطالب البعض الآخر بعودة القدس الشرقية إلى السيادة الفلسطينية، أما دولة الاحتلال الإسرائيلي فهي تصر على توحيدها تحت سيادتها لتبقى عاصمة لها.
ويتزايد تعقيد مشكلة القدس لتصبح عقبة في طريق أية تسوية سياسية بسبب ما آلت إليه أوضاع المدينة المقدسة في ظل الخطة الصهيونية لاستلاب عروبتها وتهويدها والقضاء التام على هويتها العربية والإسلامية وطابعها الحضاري المميز، باعتبارها المدينة المقدسة التي ظلت على مدار التاريخ العربي والإسلامي امتدادا ورمزا للتعايش بين الديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية.
من هنا ينظر الكثيرون إلى مدينة القدس على أنها بؤرة هذا الصراع، بكل أشكاله ومظاهره، ومحوره الرئيسي، خاصة أن الطرف اليهودي، يزعم بهتانا وزورا أن القدس يهودية
الحفريات تهدد الأقصى..
وفي سياق التعديات على مدينة القدس، وحرمها الشريف أكد، عكرمة صبري، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية لمراسل الجزيرة، أن أعمدة الدخان التي شوهدت بعد عصر يوم الأحد الموافق 4 - 7 - 2004 تتصاعد من مسجد البراق، أحد مرافق المسجد الأقصى المبارك، والملاصق للسور الغربي من الداخل كانت بسبب عبث مجموعة من اليهود الذين قاموا بحرق تعاويذ وأوراق وشموع داخل الجدار الملاصق للمسجد.
وأضاف، يقول: إن خروج أعمدة الدخان دليل على وجود حفريات وشقوق اسفل البراق، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تكررت منذ عشر سنوات تقريبا ؛ داعيا إلى وقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن إجراء المزيد من الحفريات اسفل مسجد البراق..
من جانبه قال المهندس عدنان الحسيني، مدير عام الأوقاف، في تصريحات خاصة: إن منطقة مسجد البراق القريبة من باب المغاربة مستهدفة بشكل دائم من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني، مشيراً إلى أنها ما زالت تحتفظ بمفاتيح باب المغاربة منذ عام 1967.
فيما أعلنت الأوقاف الإسلامية في القدس الشريف، في بيان لها تلقت الجزيرة نسخة منه: أنها تمكنت من خلال أطقم الإطفاء وأذنة وحراس، وسدنة المسجد الأقصى المبارك من تفريغ الدخان الكثيف الذي تدفق إلى داخل مصلى البراق قرب باب المغاربة في الجهة الجنوبية الشرقية داخل الحرم القدسي الشريف والمطل على ساحة البراق..
وكان مصلى البراق الذي بني في العهد المملوكي وتبلغ مساحته حوالي خمسين مترا، تعرض عصر الأحد، إلى انبعاث دخان كثيف للدخان من جدرانه الملاصقة لحائط البراق، ومن تحت أرضيته، وملأ الدخان المتصاعد من الحريق رواق البراق المجاور لباب المغاربة في الحرم القدسي الشريف، ووصلت طواقم مصلحة الإطفاء إلى المكان، وقامت بإخماد النار كما بدأت بضخ الهواء إلى داخل الرواق لاخراج الدخان الكثيف..
وقد تدافع المواطنون والمسؤولون إلى المنطقة وممثلو المؤسسات الوطنية تحسبا لأي طارئ، ووصل الشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف، والمهندس عدنان الحسيني مدير عام الأوقاف، والشيخ تيسير التميمي قاضي القضاة الشرعيين، ود. سري نسيبة رئيس جامعة القدس..
كما وصل إلى المصلى عدد من ضباط وأفراد شرطة الاحتلال، الذين حاولوا التقليل من شان الحادث، وقالوا إنه ناجم عن اشتعال أوراق الوصايا التي يضعها المستوطنون المتدينون بين جدران الحائط..
وقال مصدر إسرائيلي: إن النار اندلعت ظهر الأحد في حائط البراق بالبلدة القديمة في القدس، بعد أن قام مصلون يهود بإيقاد الشموع في المكان ؛ ما أدى إلى اشتعال قصاصات الورق التي يضعها المتدينون اليهود بين حجارة الحائط.
وأكد المهندس عدنان الحسيني مدير أوقاف القدس: انه تبين بعد الفحص أن هناك غرفة اسفل المسجد من جهة حائط البراق تستخدمها النساء اليهوديات اللاتي قمن بحرق الورق والشمع حسب طقوسهم الدينية اليهودية، ووجدنا أن الدخان تسرب من بعض الفتحات ووصل إلي المسجد.
يذكر انه قبل عشر سنوات حدث حادث مماثل في مسجد البراق حيث تصاعد الدخان فيه.
وأضاف الحسيني، يقول: انه اتخذت إجراءات لإغلاق هذه الفتحات حتى لا يتسرب الدخان مرة أخرى، مؤكدا أن الوضع تحت السيطرة.. وقد استخدم فريق الإطفاء عددا من المراوح الكهربائية لاخراج الدخان من المسجد ؛ مشيرا إلى أن الأوقاف الإسلامية شكلت دائرة مختصة لدراسة انعكاسات الحادث السلبية على المصلى وعلى المسجد الأقصى المبارك..
الأنفاق التي تم حفرها تحت أساسات المسجد الأقصى ستؤدي إلى كارثة بإدخال غازات سامة ومتفجرات.
وحمل الشيخ التميمي الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تصاعد الدخان من جدران المصلى المحاذي لحائط البراق، والذي يعتبر جزءاً من المسجد الأقصى المبارك، وذلك بسبب حرائق يفتعلها المستوطنون والجماعات اليهودية المتطرفة داخل تلك الأنفاق التي تم حفرها تحت اساسات المسجد الأقصى المبارك، مؤكدا أن حائط البراق جزء من المسجد الأقصى، وأن أحداث مثل هذه الحرائق أثناء الطقوس الدينية اليهودية مساس بعقيدتنا واعتداء على المسجد الأقصى المبارك..
وقال ل(الجزيرة): إن تلك الأنفاق التي تم حفرها من قبل سلطات الاحتلال قد تؤدي إلى كارثة في المستقبل بإدخال غازات سامة ومتفجرات تحت اساسات المسجد الأقصى المبارك، والتي تهدد المسجد الأقصى وحياة المصلين المسلمين.
وحذر من ارتكاب كارثة ضد المسجد الأقصى بسبب تلك الحفريات والإنفاق، مؤكدا أن هذا الحدث مؤشر خطير بأن تلك الأنفاق أصبحت تستغل من الجماعات اليهودية المتطرفة وقطعان المستوطنين لتهديد اساسات المسجد الأقصى المبارك، وقال قاضي القضاة: إننا حذرنا مراراً وتكراراً من نتائج الأعمال التخريبية التي خطط لها المستوطنون والجماعات اليهودية المتطرفة بحماية من سلطان الاحتلال على المسجد الأقصى المبارك وعلى المباني الأثرية والتاريخية في مدينة القدس.
وأكد ل(الجزيرة): أن مدينة القدس تتعرض إلى مذبحة حضارية لطمس هويتها الإسلامية والعربية، وقال إن الحفريات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك ومحاولات حرقه، وما أعلن عنه الشاباك الإسرائيلي في وقت سابق بوجود جماعات يهودية إرهابية تخطط لتفجيره، يؤكد نوايا ومخططات حكومة إسرائيل للنيل من المسجد الأقصى المبارك، الذي يعتبر من أقدس المقدسات في هذه البلاد، وجزءاً من عقيدة هذه الأمة، وأن مثل هذه الأعمال الخطيرة ستؤجج المشاعر الدينية لدى كل المسلمين في العالم الذين لن يسكتوا على أي مساس بالمسجد الأقصى بسوء، سواء بتقسيمه أو المس بقدسيته أو هدمه أو حرقه لا قدر الله.
ووجه سماحة الشيخ التميمي، عبر الجزيرة، نداء استغاثة عاجل لمنظمة المؤتمر الإسلامي، لعقد مؤتمر قمة عاجل، وكذلك لجنة القدس، وجامعة الدول العربية، ومنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، لبحث الوضع الخطير والمتدهور في المدينة المقدسة ؛ كما دعا جميع المرجعيات الدينية في العالم التدخل لدى الحكومة الإسرائيلية لوقف حفرياتها تحت اساسات المسجد الأقصى المبارك، والتي أصبحت تهدد المسجد بكامله، وحذر في الوقت ذاته، من الصمت المريب على ما يجري في مدينة القدس من مخططات وإجراءات لتهويدها، واستمرار منع المصلين من الصلاة، وهو ما يؤكد المخططات الإسرائيلية التي تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.. داعيا إلى شد الرحال للمسجد الأقصى للحفاظ عليه والدفاع عنه، مؤكدا للأمتين العربية والإسلامية أن المسجد الأقصى في خطر.
على إسرائيل عدم اللعب بالنار
هذا وقد حمّل، عبد المالك دهامشة، العضو العربي في الكنيست الاسرائيلي، إسرائيل المسؤولية الكاملة عن أي ضرر قد يلحق بالحرم القدسي الشريف.
وقال دهامشة في رسالة بعث بها إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، أرئيل شارون بهذا الشأن: إنه هو (شارون) وحكومته المسؤولان المباشران عن أي أذى يلحق بالمسجد.
وقال دهامشة في رسالته، التي تعرض الجزيرة أهم ما جاء فيها: إن على إسرائيل منع قطعان المستوطنين وسوائب المتطرفين اليهود، من الاقتراب من جدران الأقصى المبارك وتهديد أمنه.
وقال: إن لطف الله هو الذي منع اشتعال حريق هائل هذه المرة في المسجد الأقصى المبارك، كما حصل في الماضي مراراً، وعلى السلطات الإسرائيلية عدم اللعب بالنار فيما يخص هذا المكان المقدس.
بدء تسجيل عقارات الحي اليهودي في القدس بالطابو
وكانت أسبوعية يروشاليم اليهودية أكدت أن العمل جاري الآن لتسجيل المباني المجاورة لساحة الحي اليهودي في البلدة القديمة بالقدس في سجلات الأراضي (الطابو)، وكان اعمار (الحي اليهودي) من الناحية العملية أعيدت إقامته منذ قرار اسرائيل (توحيد القدس)، لكنهم فضلوا تأجيل تسجيله في الطابو خصوصاً بسبب صعوبات تنظيمية. وقالت الصحيفة العبرية: لا ريب في أن يهود الولايات المتحدة وأوروبا الذين يفضلون الآن شراء منازل في الأحياء الراقية في القدس مثل
(رحابيا والطالبية)، سيعيدون تقييم الأوضاع وسيدرسون استبدال جدول افضلياتهم بعد أن يدركوا أن بإمكانهم شراء منزل يبعد عدة أمتار عن حائط البراق (المبكى)، شار إلى أن مساحة الحي اليهودي اليوم ، تبلغ حوالي 137 دونماً تمت مصادرتها بعد حرب حزيران عام 1967، وقد شُكلت شركة (اعمار وتطوير الحي اليهودي) بهدف إعادة اعماره، ويوجد اليوم وبعد مرور 37 عاماً على نشاطاتها حوالي ألف وحدة سكنية في الحي، وفي ظل انعدام التسجيل في الطابو تحولت الشركة أيضا إلى شركة إسكان، وكبديل عن التسجيل المنظم في الطابو، وأصبحت صفقات البيع والشراء تجري من خلالها، ولم تستوجب نشاطات الشركة وجود طرف ثالث إذ تعقد الصفقات مباشرة مع (إدارة أراضى اسرائيل)..
لقاء إسرائيلي أردني لمناقشة ثلاثة موضوعات
هذا وكشف قائد لواء شرطة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة
( ميكي ليفي ) النقاب عن أنه كان قد التقى في العاصمة الأردنية عمان، خلال زيارة سرية قام بها مؤخراً، بمسؤولين كبار في الديوان الملكي الأردني، وذلك في إطار خطة لفتح الحرم القدسي الشريف بوجه الزائرين، وإحداث تغيير جذري في العلاقات مع دائرة الأوقاف..
ونقلت الإذاعة الاسرائيلية، صباح يوم الأحد، الموافق 4 - 7 - 2004، عن قائد لواء شرطة الاحتلال قوله: إن الاتصالات، التي أجريت قبيل الافتتاح كانت حساسة للغاية، وتمت في إسرائيل ودول أخرى، مشيرة إلى أن قائد لواء شرطة الاحتلال قام بزيارة سرية إلى عمان في الصيف الماضي، التقى خلالها بممثلين عن الديوان الملكي، لمناقشة ثلاثة موضوعات وهي: فتح الحرم بوجه الزائرين، وإصلاح القسم الجنوبي من حائط البراق، والعلاقات مع دائرة الأوقاف وبحسب مصادر إسرائيلية فإن العلاقات بين الجانبين الأردني والإسرائيلي بخصوص المسجد الأقصى آخذة في التطور والتحسن، مشيرة إلى أن وفداً أردنياً وصل إلى القدس مؤخراً للوقف عن كثب حول ما يجري في الحرم القدسي الشريف.
|