أشكر من أعماق قلبي جريدة الجزيرة المتميّزة دائماً والتي من خلالها أكتب عمودي، (وقفات) وأجد صدى، حول ما أطرح من موضوعات، فشكر خاص للرائدة الجزيرة ولكل من يقف على هذه الزاوية ويتمعن كلماتها، وإننا حريصون على إبداء كلمة الحق، وأن نقول ما وعيناه وعلمتنا إياه الحياة من دروس، لتكون كلمتنا عبر رؤية صادقة هادفة، لأن الحياة مليئة بالمعاناة، لذلك فإني أنقل صوراً للقارىء ليقف على عتبة الحدث، وربما يتعظ مما نرسمه تارة بمشاعرنا، وأخرى بواقعنا الحاضر الذي يصوِّر لنا حقائق شتى.!
واليوم سوف أقف وأقرع باباً ربما يكون موصداً، ولكن قد يكون نداءً من وادٍ سحيق عميق المدى، لفتاة طال ليلها، وأتعبها الأنين، فهي ليست الوحيدة، بل العشرات، والمئات، وغيرها الكثيرات اللواتي لم يلوّح لهن الأمل بمقعد على مدرجات الجامعة! فوقفت عاجزة لا تملك من الأمر شيئاً، سوى أن تذرف دموعاً وتنسج حروفاً، وتتمتم بدعاء خفي في هجعة ليلها!
وما زالت تنتظر تباشير الأمل لعله يلوح لها، تحت جليد سميك وعميق!
لعل صديقتي التي تنتظر الفرصة المواتية فتقرع باب الصرح الكبير الذي طالما حلمت به! ولكن ها هي الدقائق والساعات أضحت في حياتها عوامل وخز وألم، وشعاع عينيها بدا يرقب وراءه الخوف والترقب والحيرة!
وما زالت تحمل لغة الإيمان والصمود لتصل لمبتغاها هي والعشرات اللواتي يردن قرع ذاك الباب العلمي، فبعدما حددت هدفها لتصل لتحقيق حلمها، تلاشى ذاك الحلم تحت صقيع المجموع العالي، وامتحان القبول وغيره من الإجراءات التي لا تطرحها بلغة ليس لها هدف سوى العرقلة كأن يقال للطالب، الطالبة: ما اسم مدير الجامعة؟ وشيء من هذه الأسئلة السطحية الساذجة وباتت حياتها تدور في فلك الصرح الجامعي الذي تحلم به منذ سنين طوال، وترسم حلمها بواقع نسجته حتى لا تُصاب بخيبة أمل!
فهذه ليست الحالة الأولى التي بحاجة لمنصت واعٍ، يتأمل قصة كفاحها هي وغيرها بل ما زلت أسمع وأرى نماذج كثيرة، أدعو الله لهن بالتوفيق وأن يحققن مرادهن.
ولمجرد التفكير في إحدى الجامعات الخاصة، فإن الأمر يتطلب تكاليف باهظة! وهل جميع الناس ميسورون ويستطيعون أن يُلحقوا أبناءهم بهذه الجامعات الباهظة التكاليف؟!
إني أنظر للأمر بعين الرأفة لفتياتنا اللاتي يحلمن وتموت أحلامهن تحت وطأة حصار وقيود لا حصر لها!
وعندها نصرخ لماذا فتياتنا يكتفين بالشهادة الثانوية ويلزمن بيوتهن؟ لا نجد الإجابة القاطعة سوى أننا مقصرون!
ولم تتح الفرصة لهن بدخول الجامعات الأهلية! وإن وجدت فمن سيتحمل تلك المبالغ الثقيلة العبء من القادرين؟!
إن القضية أبعد وأكبر مما نرى ونتخيّل، فالمدارس تخرج سنوياً آلافاً من الخريجات والخريجين، والذين يبحثون عن مقاعد في الجامعات.. ولا يجدونها، لأن متطلباتها معقدة ولا سبيل للوصول إليها!
لذلك نجد التدافع السنوي في القبول كبيراً، ولا يستوعب هذه الفئات التي تطمح للتعلُّم، وكأن إجراءاتها تعجيز لطالب العلم حتى يصرف نظره عن التعليم!
فكان ينبغي على رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال.. أن يفتتحوا جامعات أهلية لقاء مبالغ معقولة وتشمل جميع التخصصات حتى يتسنى للجميع الالتحاق بها، وبذلك نوفر على فتياتنا وفتياننا تكبُّد مصاريف طائلة والسفر للخارج، ولننهض بعجلة التطور والتعليم داخل دولتنا والتي بحاجة ماسة لمثل هذا التوسع التعليمي، وحتى لا ننظر للقصور من جانب واحد، ونتهم بعضنا بعضاً بالتقصير!
ولابد أن يتفق قولنا مع عملنا، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا قول إلا بعمل)، وعلينا كأمة أن ننظر لموضوع الجامعات بعين الرقيب الحريص على دفع عجلة التقدم للامام لأن أبناء الغد هم عدة المستقبل.!
مرفأ:
الطموح والحلم رسم لأمل في آن، ولكن تحقيقهما يتطلب الوسائل متى توفرت؟!
|