تناولت في مقالي السابق مناقشة في موضوع الأنشطة المدرسية وعلاقتها بتأهيل الطالب السعودي تأهيلاً علمياً متوافقاً وذلك باعتبارها برامج تعني بالتنمية الشاملة واستفادتها مما هو متوفر في مجتمعنا من إمكانات تساهم في دعم المجال العلمي والتقني.
وفي هذا تمكين الطالب من أن يكون له دور يرضى عنه ويرضى عنه المجتمع في كتيبة تطوير البلاد وأن يقدر على المشاركة في برامج تنفيذ المخططات التنموية، ونقصد بل ونتوجه إلى الطالب المتميز البارع والموهوب الذي يتمتع بقدر كافٍ من الذكاء ويمتلك مثله من القدرات التي يمكن توجيهها لصالح الطالب ولصالح المجتمع ونبتهل إلى الله أن يكون طلابنا جميعاً كذلك. وفي مقالي هذا أعرض مجالاً حيوياً للأنشطة من خلاله يتم تدريب الطلاب على اكتساب مهارات العمل مع المواطنين وخدمتهم، وفي صيف هذا العام نلحظ أن الظاهرة ذات الإلحاح الأشد والتي يجب أن نترسمها على خريطة البرامج النشاطية المدرسية والتي يتناولها تدريب الطلاب على أيدي أصحاب الرؤى من المتخصصين في مجال خدمة البيئة.
وفي البدء أود أن أوضح أنه مجال ممتد ولم يكن مستحدثاً، يواكب مسيرة التنمية والتطور المجتمعي وفقاً لخطط التنمية الخمسية التي ترعى الإصلاح والتطور المجتمعي وهو قضية مستمرة باستمرار التغير الاجتماعي وباستمرار المخترعات التكنولوجية والتقنية والمبتكرات واستخداماتها، فضلاً عن الآمال وطموحات التقدم.
ويعزز أيضاً من هذه الطموحات ذلك المستحدث في تكنولوجيا المعلومات والاتصال المبهر التي بفعلها صار العالم مفتوحاً بعضه على بعض مما حدا بالكثيرين القول أن العالم صار على الرغم من اتساعه قرية صغيرة هي القرية الكونية فما يحدث من حدث في أقصى بقعة في الأرض يمكن الاطلاع عليه في نفس لحظة حدوثه نظراً لتلاشي الحواجز الجغرافية والسياسية في النطاق الفضائي (نقلة مبهرة من الأرضية إلى الفضائية)، مع هذه النقلة يلزمنا التخطيط للمناشط الدراسية ويأتي هذا في ضوء المتغيرات التي تطوف بنا وشملت قطاعات المجتمع المختلفة منها قطاع الصناعة والتعليم والصحة والإعلام والاقتصاد حتى الإدارة ونظريات التوجيه والإشراف... إلخ، المهم أن برامج خدمة المجتمع تتضمن حماية البيئة وتحسين ظروفها وصيانة مرافقها، ومنها تقديم الخدمات الممكنة والمتاحة لذوي الظروف الخاصة، ومنهم المسنون والمقعدون والمعاقون والمحرومون، ومن هذه البرامج برامج محو الأمية الهجائية، خاصة المرأة ومحو الأمية المعرفية والثقافية لمن يعوزها، ومنها خدمات صحية كرعاية المرضى وخدمة المستشفيات والإسعافات الأولية، والطب البيئي ومنها خدمات أمنية مثل تنظيم المرور وحماية رواد الأسواق وأماكن التجمعات، ومن هذه البرامج برامج التوعية والتوجيه والإرشاد الاجتماعي، ومنها أيضاً العمل التطوعي عن طريق الجمعيات الأهلية، وكذلك الكتابة الصحفية... إلخ من البرامج.
وطلابنا الذين سيعرضون أنفسهم للانتظام في جماعات خدمة المجتمع عن حب وشغف علينا أن ننصحهم بعدم التعرض لأمور قد يجدون فيها تدني الفائدة والمردود وهدر الوقت.
وأود أن أشير إلى نقطة هامة وهي أن القائم بخدمة المجتمع يلجأ لتعرف الظواهر الاجتماعية الضاغطة والتي تؤثر في حركة المجتمع والوقوف على كنهها وعواملها المهيئة والمسببة ومدى قربها أو بعدها من ثقافة المجمع وأهدافه التنموية وكشف صعوباتها ونقاط الاتفاق أو الاختلاف معها أو الاستفادة منها، أو درجة ارتباطها بدواعي ونتائج التنمية.
وإزاء ذلك نهيب بالمخطط لبرامج خدمة المجتمع ومجالاتها أن يضع في اعتباره الإجابة على الأسئلة التالية: ما أهداف هذه البرامج الخدمية؟ ما المراحل الزمنية؟ من سيقوم بالتنفيذ؟ من المسؤول عن المتابعة والتقييم؟
والإجابة على هذه الأسئلة لا أظن أنها محل خلاف في الآراء إلا أنها ستكون محل التنفيذ على أرض الواقع وسوف تمضي قدماً وفق البرنامج المخطط، وسوف يجند للتنفيذ مع الطلاب، الأخصائيون المعدون المدربون، وسوف يتم الاستعانة بالخبراء ومنهم الذين يوجهون قاطرة التنمية والتطوير فهم على دراسة كاملة بما يجري في المجتمع، وهم يعلمون حق العلم بالتغير الاجتماعي التلقائي والتغير الاجتماعي المخطط وإمكاناته وقياساته.
كما على المخطط أيضاً أن يضع في اعتباره بعض النقاط الحاكمة ومنها:
- الاستفادة قدر الإمكان من تجارب بعض المناطق والمحافظات داخل المملكة التي لها تجارب رائدة مثل فرق الكشافة في منطقة مكة ودورها في إرشاد الحجاج والمعتمرين التائهين وتنظيم حركة المرور والمشاركة مع فرق المطافي وغير ذلك من أعمال، وأعمال النظافة في منطقة المدينة المنورة تحت إشراف الإدارة التعليمية، والتشجير في منطقة أبها، ومد المساجد بحوامل المصاحف وأرفف المكتبات بمدينة الرياض... إلخ، فكم من تجارب عديدة حظيت بها المناطق يتطلب التعرف عليها وتطويرها وتعميمها.
- حصر التجارب المتطورة وتخير النموذج الذي يمكن أن يكون فريداً وتقدم له الجوائز مما يولد المنافسة وثقافة الابتكار ويفتح الطريق أمام نماذج خدمية أخرى جديدة ورائدة ويمكن أن يكون لها تأثير في قلوب المواطنين.
- تنوع الأساليب والمجالات والبرامج في المناشط الصيفية مما يجعل من الأهمية الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة والمتاحة في مجتمع المملكة.
وماذا بعد؟
وأقترح أن تتشكل في كل إدارة تعليمية لجنة لإعداد برامج ومخططات تفعيل وتسهيل برامج الأنشطة المدرسية الصيفية وتحديد المبتغى والأداء الزمني والبعد الزماني والمكاني ومستوياته وتقييمه وتذليل صعوباته وتوفير إمكاناته والله الموفق.
|