* أبها - عبد الله الهاجري :
شن المشاركون في ندوة المنهج الخفي بأبها أمس حرباً على الخلل الذي يعتري المنهج الديني في المدارس والذي أصبح صورة للقيم الشائعة في المجتمع لتصبح المدرسة ليست مكاناً للتعليم الأكاديمي المحض بل مكانا لنقل القيم التي يرى بعض المدرسين بوصفهم اعضاء في المجتمع نقلها إلى المجتمع. وتناولت الجلسة الأولى الآثار والسلبيات للمنهج الخفي وقدم ورقتها الدكتور حمزة المزيني والذي وضع أهمية بالغة للمنهج الخفي بكونه أبعد أثراً في صوغ توجهات الطلاب والطالبات من المناهج الدراسية الاكاديمية نفسها لما يتمتع به المعلم من مكانة خاصة لدى تلاميذه في ظل توجه المعلم للانتماء عضوا إلى اتجاه معين يرى الدعوة إليه وتكثير أعداده فرضا دينيا يؤجر عليه.
ورأى التأثير المباشر للصحوة الاسلامية في بروز هذا المنهج والتي شكلت المنظر العام لمظاهر التدين الخارجي.
وساهمت هذه الصحوة والجو السياسي العام في شيوع ايديولوجيا حركية تصطبغ بالطابع الاسلامي وتؤثر في المعلمين والطلاب وتحول المدارس من أماكن للتعلم إلى ساحات للوعظ والدعوة وتأصيل فكر الجهاد وكانت المدارس الميدان الأبرز الذي شاعت فيه هذه المظاهر وهذا الخطاب وأصبحت موقعاً متميزاً للحض على التبرع للمجاهدين وإشاعة روح الجهاد وطلب الشهادة.
وأكد المزيني عدم التزام المعلمين بما يرد في المقررات الدراسية من معلومات واضحة خاصة من معلمي المواد الشرعية وتفسيرهم لما يرد وفق تصوراتهم الخاصة.
واتهم جماعات الأنشطة الصفية وغير الصفية وبعض مكاتبات المساجد والأشرطة الاسلامية والمخيمات الدعوية والمراكز الصيفية في المساهمة في بروز المنهج الخفي وما ترتب عليه من سلبيات حتى تجرأ كثير من صغار السن بالوعظ والإرشاد بل والتقدير والتفسيق والتبديع مما أوقفهم عن مواصلة تعليمهم ومساهمتهم داخل ناشطات العنف ومن ثم الالتحاق بسلك الدعوة وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الخروج من بلادهم ليلتحقوا بالمجاهدين تحت كل الأسماء وهو ما جعل كثيرا منهم لقمة سائغة للفتاوى التي تحرض على الخروج على النظام العام في السعودية والقيام بأعمال عنف نتجرع مراراتها منذ سنين.
وطالب الدكتور علي الشعبي في قراءة لورقة المزيني الإدراك ان هناك مظاهر ايجابية للمنهج الخفي وهي في الوقت ذاته من مطالب المنهج المعلن, وتحول ثقافة المدرسة المتزمتة إلى ثقافة انتقائية تقوم المدرسة بطرد العناصر من المعلمين الذين لايسيرون وفق توجهاتها وجذب العناصر الخارجية التي تتبنى أفكارها المتشددة عبر آلية على المستوى المركزي للحد من هذه الظاهرة.
وألقى باللائمة على الكليات والجامعات والتي شكلت لدى المعلم قناعات تتبنى بعض الأفكار المتطرفة والتي تمثل الأنشطة الطلابية والمعسكرات بيئة خصبة لها ويحمل القائمون عليها أفكاراً للتشويش على النشء في قضية المواطنة وان ابن البلاد هو مسلم والمسلم وطنه كل العالم الاسلامي ليضعفوا لديهم انتماءتهم الوطنية وبالتالي تقبل الأفكار المتطرفة التي تجعلهم لايرون ضيرا في القتل والتخريب في وطنهم.
واعترف الشعبي باستحالة إلغاء المنهج الخفي ولكنه لمس إمكانية التعامل معه أكثر ايجابية ومكملاً للمنهج الدراسي المعلن عبر تنمية الوازع الديني لدى الطلاب على الوسطية ليشكل لديهم معياراً يضبطهم مع التركيز على مهارات تنمية الذات وبناء الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس وتقبل النقد واحترام الآخر لتدعم مفهوم بناء الشخصية المتكامل والمتوازن.
وتساءل الدكتور خالد بن صالح السيف في قراءته التعقيبية عن عدم التفطن لاكتساحات المنهج الخفي حجرات المدارس؟ وآلية فحص واقع المدرسين للربط بين وظيفة التدريس والتكوين؟.
وقال إن عدم اعتاقنا من مأزق أزمة العقل وبقاءنا في قمقم هذه الأزمة يرشحنا بكافة أطياف مجتمعنا أن نظل نهبا لأيما أدلجة تتخطفنا من بين أيدينا ومن خلفنا كما أن تولعنا بالهروب إلى الماضي والارتداد إلى قضاياه ومشكلاته وأطر مفاهيمه يفضي بنا إلى فكر سكوني يرفض الاعتراف بالصيرورة التاريخية في بعدها القرآني وليس الديالكتيكي.
ثم بدأت مداخلات الحضور بمحمد آل زلفة وركز فيها على اختطاف المجتمع والخروج به من دائرة الوسطية وقاس مشاري الذيدي في مداخلته مدى هيمنة التطرف والاشادة برموزهم وتساءل عن سلامة المنهج المعلن من الخلل الذي يساق جميعه على المنهج الخفي.
وأكد زياد الدريس على عدم إمكانية تغيير المنهج الخفي الذي لايشكل مشكلة في محتوياته بقدر ما يشكلها رموزه فنحن لسنا ضده فهو أحياناً ليس سيئا بل هو مطلوب وحسن من المعلم الذي لانريده منحطاً ويلزمنا هنا ان نعالج المنهج الخفي السيء دون الدعوة لالغائه بوضع قيود عليه.
ووجه محمد الناصر الأسمري انتقاداً بشأن الغفلة عن خطورة الفكر المتطرف ووصف المثقفين السعوديين بممارسة الاستحياء والنفاق في توضيح المنهج الخفي.
|