استأثرت قناة الجزيرة الرياضية باهتمام المشاهدين العرب في الأيام الأخيرة ، انتقلت من قناة وليدة إلى قناة عريقة بضربة واحدة ، لا أعرف كم دفعت لتأخذ حق نقل مباريات البطولة الأوروبية ، ولكن مهما كان المبلغ فهو يستحق ، كانت ضربة معلم ، بدت كأنها أعرق قناة رياضية في المنطقة ، مع أني لا أهتم كثيراً بالرياضات المختلفة إلا أني أتوقف عندها كلما مررت من جانبها ، أتفرج على السلة وعلى الطائرة وعلى الألعاب المختلفة ، أحس أنها تطرح مواضيعها بشكل شيق وفي الصميم ، لا يوجد فيها برامج أو مواد مملة ومسلوقة ، كل شيء مدروس ، من الواضح أن أحد أسباب النجاح في كل شيء في الحياة يعود إلى شيء نسميه احترافا ، ولكي لا أطيل في الحديث أقول إن مفهوم هذه الكلمة غائب عن الثقافة الإعلامية السعودية.
أصبح من قدرنا أن نكون مستهلكين فقط ، متفرجين ، كأننا سياح في هذا العالم نسترخي ونستفيد من الخدمات التي يقدمها لنا الآخر ، الملابس من هذا والدراما من هذا والأخبار من هذا والطعام من هذا ، حتى الكرة التي أفنينا فيها خيار أموالنا وزهرة شبابنا عبر خمسين سنة خلت ، صممنا أن نبقى فيها في دور المستهلك أيضا.
عندما بدأت القناة الرياضية ظننت كما ظن غيري أن هذه القناة ستكون أعظم قناة إعلامية سعودية بل أعظم قناة عربية ، فالإعلام الرياضي السعودي يعد الأول في العالم العربي ، مدرسة إعلامية ، تخرج منها أعظم الإعلاميين السعوديين ، حرية الرأي والخبرة وكمية المعلومات والمادة وشغف المشاهد ، كنت أتوقع أن يكون لدينا قناة رياضية منذ الثمانينات ، وأنها ستولد (إذا ولدت) ناضجة قوية مميزة.
السعودية بلد رائد ودولة كبرى في المنطقة ولها ثقلها السياسي والاقتصادي ، وإذا تركنا السياسة واقتصرنا في الكلام على الكرة ، فالسعودية نالت كأس آسيا أكثر من مرة وأصبح حضورها ثابتاً في كأس العالم ، الشباب السعودي من أكثر الشباب في المنطقة ثقافة رياضية وميلا رياضيا ، من غير المعقول أن شعبا بهذا المستوى الثقافي الرياضي يتحول إلى القنوات الرياضية العربية الأخرى ليتابع الأحداث الرياضية الكبرى ، المنطق يرفض هذا.
يبدو أن بعض الأخوة العاملين في الإعلام في المملكة لم يدر في خلدهم بعد أننا لم نعد وحدنا ، لم نعد نجلس في الغرفة المغلقة التي كنا نجلس فيها في عصر ما قبل الفضائيات ، العالم مكشوف على كل الجبهات والريموت كنترول هو سيد الموقف ، اختفى ذلك الرقيب الذي يمنحنا متسعا من الوقت والتباطؤ وفرص التأجيل ، فالآخر البديل موجود وجاهز ليحل في أي محل نتركه فارغا.
المملكة مستهدفة (لا أحب استخدام هذه الكلمة المبتذلة كثيراً ولكنها دقيقة في هذا المقام) ، فعلا فهناك من يحاربها ، إعلاميا ، بشكل منظم ومدروس ولا أحتاج أن أذكر دليلاً على ذلك.
إذا أردنا أن نتكلم بشكل واضح ومستقيم ، يمكننا أن نقول إن قناة الجزيرة الرياضية سوف تشكل تحديا جديدا وخطيرا ، سيزيد الأضرار التي تعاني منها المملكة ، فالذين يديرونها ويمولونها هم أنفسهم الذين يديرون ويمولون قناة الجزيرة الأساسية ، فإذا كانوا في القناة الأساسية يضربون في المناطق المثقفة المحصنة نوعا ما ، ففي قناة الجزيرة الرياضية سيكون الضرب تحت الحزام ، أي في المنطقة التي يتجمع فيها شبابنا من صغار السن وقليلي الخبرة ، من الصعب منافستهم بهذه القناة الرياضية غير المقنعة ، الاحتراف لا يواجهه سوى الاحتراف.
فاكس 4702164
yara4U2@hotmail ،com |